هل الاعتكاف خاص برمضان وما هي شروطه ...؟
مدة الملف
حجم الملف :
3387 KB
عدد الزيارات 10680

السؤال:

هل الاعتكاف خاص برمضان، وما شروطه؟ وهل الاعتكاف في المسجد الحرام له أجر يختلف عن المساجد الأخرى؟

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل، هذا هو الاعتكاف الشرعي، أن يلزم الإنسان نفسه البقاء في مسجد من مساجد الله عز وجل، ويتحرى العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، وغير ذلك مما يقرب إلى الله تعالى من العبادات، هذا هو الاعتكاف، والاعتكاف مشروع مطلوب من الإنسان فعله، وهو الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؛ إن النبي صلى اللهعليه وسلم  كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر، وكان قبل ذلك قد اعتكف العشرة الأول، ثم الأواسط، ثم قيل له: إنها -أي ليلة القدر- في العشر الأواخر من رمضان، فاعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرع لأمته الاعتكاف في غير رمضان، ولا أنه اعتكف في غير رمضان، إلا سنة ترك الاعتكاف في العشرة الأواخر من رمضان، ثم قضاه في شوال، هذا هو الاعتكاف المشروع أن يكون في العشرة الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر، وتقرباً للعبادة فيها، ولكن مع ذلك يصلح الاعتكاف في غير رمضان، ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إني نذرت أن أعتكف ليلة أو يوماً في المسجد الحرام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوف بنذرك». فدل هذا على جواز الاعتكاف في غير رمضان، ولكننا لا نطلب ذلك من الإنسان، ونقول له: اعتكف في غير العشر الأواخر من رمضان. لا نقول له ذلك لأنه لم يرد في السنة، وأما ما ذكره بعض الفقهاء من إنه ينبغي للإنسان إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة المكث فيه، فقول لا أصل له من السنة، بل ظاهر السنة خلافه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في البكور إلى الجمعة، وقال: «من راح في الساعة الأولى فكأنه قرب بدنة، وفي الثانية كأنما قرب بقرة، وفي الثالثة كأنما قرب كبشاً أقرن، وفي الرابعة كأنما قرب دجاجة، وفي الخامسة كأنما قرب بيضة». ولم يشأ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا إذا نوى الإنسان المتقدم إلى الاعتكاف مدة انتظاره الجمعة، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أن يخفيه عن أمته؛ لأننا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على إبلاغ العلم، وأحرص الناس على نفع الخلق، فلا يمكن أن يدع شيئاً دون أن يخبرهم به، ولا أعلم في الساعة هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأمة إلى أن ينوي الرجل إذا دخل المسجد الاعتكاف مدة مكثه فيه، وعلى هذا فلا يسن لمن قصد المسجد للصلاة أو لقراءة العلم أو للدراسة، أو ما أشبه ذلك أن ينوي الاعتكاف مدة مكثه فيه، ثم إن الاعتكاف يكون في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي، وفي المسجد الأقصى، وفي غيرها من المساجد، وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة، أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، فهذا إن صح فالمراد به أن الاعتكاف الأكمل والأفضل ما يكون في هذه المساجد الثلاثة؛ لأن هذه المساجد الثلاثة أفضل المساجد على وجه الأرض، وهي التي تضاعف فيها الصلاة، وتشد إليها الرحال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى». وقول
السائل: الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من غيره. جوابه نعم الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من الاعتكاف في المساجد الأخرى ويليه الاعتكاف في المسجد النبوي، ويليه الاعتكاف في المسجد الأقصى، ثم المساجد الأخرى الأفضل منها فالأفضل، ولكن هنا المسألة ينبغي أن نتفطن لها، وهي أن مراعاة ذات العبادة أولى من مراعاة زمانها ومكانها، أي ما عاد للعبادة من الفضائل أولى بمراعاة مما عاد إلى مكانها أو زمانها، يعني أن الإنسان إذا كان اعتكافه في مسجد آخر غير المسجد الثلاثة أكمل وأشد خشوعاً لله عز وجل وأكثره في العبادة كان اعتكافه في هذه المساجد أفضل، يعني هذا الفضل يعود إلى ذات العبادة، ودليل هذا من السنة وكلام أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة في حضرة الطعام، ولا هو يدافع الأخبثان». ومقتضى هذا الحديث أن يؤخر الصلاة عن أول وقتها؛ حتى يقضي حاجته من مأكول، أو تخلى، وهذا يستلزم تأخير الصلاة عن أول وقتها، مع أن الصلاة في أول وقتها أفضل؛ لكن النبي صلى الله عليه وسلم ألقى مراعاة الزمن هنا من أجل إكمال العبادة ذاتها، ويرى أهل العلم أن رمل الطائف في طواف القدوم أولى من دنوه من الكعبة، وعللوا ذلك بأن الرمل فضيلة تتعلق بذات العبادة، والدنو من البيت فضيلة تتعلق بمكانها، ومراعاة ما يتعلق بذات العبادة أولى من مراعاة ما يتعلق بمكانها، وهذه نقطة ينبغي للإنسان ولا سيما طالب العلم أن يلاحظها، وهي المحافظة على فضيلة ذات العبادة أكثر من المحافظة على مكانها وزمانها.

السؤال: بارك الله فيكم الأمور التي يجب أن يفعلها المعتكف فضيلة الشيخ؟ 

الشيخ: ولا يجب عليه فعل شيء أكثر من غيره؛ لكنه يتجنب أشياء لا يتجنبها غيره، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُون في المَسَاجِدِ﴾. فيحرم فيحرم على المعتكف مباشرة النساء في حال الاعتكاف، ويحرم عليه أيضاً أن يخرج من معتكفه، إلا ما دعت الحاجة إليه؛ كالخروج إلى الأكل والشرب، إذا لم يتأت عثوره في المسجد، وكخروجه إلى البول أو الغائط، وكخروجه إلى غسل واجب، لا يحسب له في المسجد، وما أشبه ذلك من الأمور الضرورية. 
السؤال: المرأة مثل الرجل في الاعتكاف يا شيخ؟

الشيخ: نعم المرأة يشرع لها الاعتكاف كما يشرع للرجل؛ لكن بشرط ألا يترتب على ذلك مفسدة، أو فتنة؛ فإن كان يترتب على ذلك مفسدة أو فتنة؛ فإنها لا تعتكف، لو كان المرأة يترتب على اعتكافها أن يضيع أولادها في بيتها، أو أن تهدر حق زوجها، فليس لها أن تعتكف.