السؤال:
المستمع علي نجمي جازان يقول: ما حكم تقبيل القرآن قبل القراءة وبعدها؟
الجواب:
الشيخ: تقبيل القرآن إذا وقع من شخص، فإنما يقع على وجه التعظيم لكتاب الله عزَّ وجلَّ نعم ولا شك أن تعظيم كتاب الله من أفضل القربات؛ لأن كتاب الله هو كلامه، فقد تكلم الله سبحانه وتعالى بهذا القرآن بكلام سمعه منه جبريل، فنزل به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) ﴾. وقال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۞عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ۞بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾. فالقرآن كلام الله حقيقة؛ تكلم به، وسمعه جبريل، ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم هذا القرآن العظيم من تعظيم الله عزَّ وجلَّ، ولكن تعظيم الله وتعظيم رسوله وتعظيم كتابه إنما هو بحسن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا بأن يتبع الإنسان هواه، فهذه القاعدة ينبغي للإنسان أن يعتبرها؛ وهي أن تعظيم الله وتعظيم رسوله وتعظيم كتابه إنما هو بحسن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما كان الإنسان اتباعًا لرسول الله كان أدل على ما في قلبه من تعظيم الله ومن محبة الله قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فمن ابتدع في دين الله ما ليس منه، فإنه ينقص من محبته لله وتعظيمه لله بقدر ما حصل من هذه البدعة من المخالفة، وبناء على هذه القاعدة نقول: تقبيل المصحف عند ابتداء التلاوة، وعند انتهائها، وعند الابتداء فقط، أو عند الانتهاء فقط، أو في أي مناسبة ليس مشروعاً، بل هو بدعة ألم يكن معروفاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أن تقبل الرقاع التي كتب فيها شيء من القرآن وليس معروفاً في عهد الصحابة بعد جمع القرآن في المصحف أن يقبلوا هذا المصحف، ولا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن من ابتدع بدعة ولو استحسنها، فهي قبيحة ولو علم أنها هدى، فهي ضلالة، ولو ظن أن فيها ثواباً، فهي في النار؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار». وعلى هذا فإني أنصح أخي السائل من أن من يقوم بتقبيل المصحف لا في بداية القراءة ولا في انتهائها ولا في مناسبة أخرى، ويكفي تعظيماً للمصحف أن يؤمن بما أخبر الله فيه، وأن يعمل بما أمر الله به فيه وأن ينتهي عما نهى الله فيه، هذا هو التعظيم الحقيقي الذي يدل على صدق الإنسان وإخلاصه لله عزَّ وجلَّ وعلى صحة شهادته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة؛ لأن تحقيق الشهادة أن محمداً رسول الله ألا تعبد الله إلا بما شرعه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.