قراءة سورة الفاتحة ويس مرتين بعد الدفن
مدة الملف
حجم الملف :
2711 KB
عدد الزيارات 2216

السؤال:

نبدأ حلقة هذا الأسبوع برسالة المستمع محمد طه من سوريا دير الزور استعرضنا سؤالاً له في حلقة سابقة، بقي له هذا السؤال يقول المستمع: هل تجوز قراءة القرآن على النية؟ وعندما يدفن الميت هل تقرأ عليه سورة يس والفاتحة مرتين ما حكم الشرع في هذا مأجورين؟

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، جوابنا على هذا السؤال يحتاج إلى مقدمة نافعة؛ وهي ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلنه في خطبة يوم الجمعة، فيقول: «أما أبعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار». وهذه القاعدة العظيمة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر من مخالفتها، هي القاعدة التي يجب أن يسير الإنسان عليها في دينه وفي عقيدته، في قوله وفي فعله وفي تركه، خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإذا فكرنا هذا العمل الذي أشار إليه هذا السائل؛ وهو أن يقرأ على الميت بعد دفنه سورة يس وسورة الفاتحة، أو قبل دفنه سورة يس وسورة الفاتحة، إذا طبقناه على القاعدة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنها لأمته، وجدنا أن هذا العمل بدعة وكل بدعة ضلالة، والأقسام الواردة في ذلك ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقرءوا على موتاكم يس». والقراءة هنا ليست بعد موته؛ لأنه لا يستفيد منها شيئاً، وإنما يستفيد منها إذا كان قد حضره الأجل، فقرأت عنده، وهو يسمع فإن ذلك قد يشرح صدره بعض الشيء بما ذكر الله فيها من حصول الإيمان وفضيلته للمؤمن ومآله، حيث ذكر الله تعالى أنه قيل للرجل الداعي إلى الله الذي قال: يا قوم اتبعوا المرسلين. قيل له: ادخل الجنة. قال: يا ليت قوم يعلمون بما غفر لي وجعلني من المكرمين، وأما بعد خروج الروح فإنه لا يقرأ عليه شيء لا الفاتحة ولا يس، وكذلك بعد الدفن لا يقرأ عليه شيء لا الفاتحة ولا يس، وأقصى ما جاء في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل». ومعلوم «أن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له». وهذا الحديث يوجب للمؤمن أن ينتهز فرص الحياة، ويعمل قبل أن لا يستطيع العمل، يأخذ من حياته لموته، ومن صحته لسقمه، ومن غناه لفقره، ومن فراغه لشغله، حتى يكون حازماً منتهزاً للفرصة، فالميت إذا مات فإن أفضل ما نهديه إليه أن ندعو الله له بالمغفرة والرحمة، وأن يفسح له في قبره، وأن يوسع له فيه، وينور له فيه، وأن يدخله الجنة، ويعيذه من النار، وأن يتجاوز عن سيئاته إلى غير ذلك من الدعاء النافع الذي ينتفع به الميت، أما الأعمال الصالحة ينبغي أن يكون الإنسان الحي منتهزاً لها يجعلها لنفسه؛ لأنه هو أيضاً سيحتاج ونحن الآن في مدة من الزمن كرماء الزمن لا يهمنا ما ضاع منه ولا ما بذلنا منه في أمور لا تنفعنا، ولكن عند حضور الأجل وانقطع الأمل نعرف قدر الوقت، فيقول الإنسان عند موته: ﴿قَال رَبِّ ارْجِعُونِ ۞لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾. ويقول: ﴿رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فنصيحتي لنفسي وإخواني بانتهاز الفرصة ما دام الإنسان في زمن المهلة، وأن يكثر من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله لنفسه، وأما مَن مات من أقاربه أو إخوانه وأصحابه فليكثر له من الدعاء، فإن الله تعالى إذا استجاب له من دعوته يحصل بها النجاة من النار ودخول الجنة، وهذا غاية ما يتمناه الإنسان.

وخلاصة الكلام أن الجواب عن هذا السؤال: أنه لا يستند إلى قراءة الفاتحة ولا يس بعد الموت؛ لا قبل الدفن ولا بعد الدفن.