البناء على القبور بالاسمنت وكتابة اسم الميت..
مدة الملف
حجم الملف :
2219 KB
عدد الزيارات 3039

السؤال:

على بركة الله نبدأ حلقة هذا الأسبوع برسالة وصلت من المستمع ثابت من اليمن للبرنامج يقول في سؤاله: فضيلة الشيخ يوجد عندنا البعض من الناس عندما يموت الشخص منهم يصب على قبره الإسمنت ويكتب التاريخ والاسم وتاريخ العمر فوق القبر فهل هذا العمل يجوز أم لا؟ أفتونا أثابكم الله.

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الجواب عن هذا السؤال يحتاج إلى مقدمة؛ وهي أن المقبرة دور للأموات وليست دوراً للأحياء، حتى تزين وتشيد ويصب عليها الإسمنت ويكتب عليها الكلمات الرثائية والتعليمية، وإنما هي دار أموات يجب أن تبقى على ما هي عليه، حتى يتعظ بها من يمر بها، فقد ثبت في الصحيح من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة». وإذا فتحنا الباب للناس؛ ليقوموا بتزين القبور وتشييدها والكتابة عليها صارت المقابر محلاً للمباهاة، ولم تكن موضع اعتبار للأحياء، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه، وأن يجلس عليه، فنهى صلى الله عليه وسلم عن الأمور التي يكون فيها المغالاة في القبور؛ من البناء والكتابة ونحوها، وعن الأمور التي فيها الإهانة للقبور وأصحابها، فنهى عن الجلوس على القبر، وليعلم أيضاً أن أهل المقابر مرهونة بأعمالهم، يتمنى الواحد منهم أن يكون في ميزان حسناته أو كتاب حسناته حسنة واحدة، كما جاء في الحديث: «ما من ميت يموت إلا ندم إن كان محسناً ندم على ألا يكون ازداد وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب». وأهل القبور لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يملكون لغيرهم كذلك نفعاً ولا ضراً من باب أولى؛ حتى لو كانوا من عباد الله الصالحين وأوليائه المقربين، فإنهم لا يملكون لأحد نفعاً ولا ضراً، بل هم محتاجون إلى غيرهم يدعو لهم ويسأل الله لهم المغفرة والنجاة من النار، وبناء على هذه المقدمة يتبين للسائل حكم ما سأل عنه من صب الإسمنت على القبر وكتابة الاسم عليه وتاريخ الوفاة والولادة، وربما يكتب عليه ما جرى لهذا الميت من أعمال في حياته وغير ذلك، وهذا كله داخل فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إما باللفظ وإما بالمعنى، ولهذا أنا من هذا المنبر أوجه نصيحة لإخواني المسلمين في كل مكان لكل من يسمع، أو ينقل إليه الكلام، أن يتقي الله عز وجل في أصحاب القبور، وأن تبقى قبور المسلمين على ما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وأصحابه المرضين، وأما التباهي بها وصب الإسمنت عليها، أو نصب الحصى الطويلة على القبر، حتى يكون مشرفاً بيناً من بين سائر القبور، فإن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي بن طالب رضي الله عنه لأبي الهياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته، وما من شك في أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها؛ وهو التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه الراشدين.