حكم ترديد الآيات القرآنية سرا وهو جنب وحكم من لا يغتسل من الجنابة
مدة الملف
حجم الملف :
2177 KB
عدد الزيارات 1989

السؤال:

بارك الله فيكم فضيلة الشيخ؛ في سؤاله الثاني يقول المستمع ن.خ.ف: ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ فيمن يقرأ، أو يردد آيات قرآنية سراً، أو جهراً، وهو جنب، أو من يقضي وقتاً، أو أياماً، وهو على جنابة دون الاغتسال؟

الجواب:


الشيخ: هذا السؤال من شقين؛ الشق الأول: قراءة القرآن، والإنسان جنب، والراجح من أقوال أهل العلم: إن هذا حرام، وأنه لا يحل للجنب أن يقرأ شيئاً من القرآن على سبيل التلاوة؛ لأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ما يدل على منع الجنب من قراءة القرآن، ومن ذلك حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم نكن جنباً. ومعلوم أن إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لأصحابه واجب؛ لأنه من تميم الرسالة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان لا يقرئهم إياه، وهم جنب، دل ذلك على تحريم قراءة القرآن على الجنب؛ لأن الواجب لا يقابل، أو لأن الواجب لا يمنعه إلا شيء محرم، ولا يقف القياس هذا على الحائض، والفرق بينهما أن الجنب يمكنه أن يتلافى هذا المانع؛ من قراءة القرآن، فيغتسل، بخلاف الحائض فإن حيضها ليس بيدها، والحائض على القول الراجح لها أن تقرأ القرآن عند الحاجة إليه؛ كالمعلمة، والمتعلمة، ومن تقرأه من أجل الورد عند النوم، أو في الصباح، أو في المساء، هذا حكم قراءة الجنب للقرآن، فإنه حرام حتى يغتسل، أما الشق الثاني في السؤال؛ وهو أنه يبقى أياماً لا يغتسل من الجنابة، فهذا يستلزم أنه لا يصلي، أو أنه يصلي وهو جنب، وكلا الأمرين محرم بلا شك، فالجنب لا يحل له أن يصلى بإجماع المسلمين، حتى إن بعض أهل العلم يقول: إذا صلى الإنسان وهو جنب، فقد ارتد عن الإسلام؛ لأن صلاته وهو جنب تدل على أنه مستهتر وساخر بآيات الله كما يقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق﴾ إلى قوله: وإن كنتم جنباً فاطهروا. ويقول ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل﴾ ثم يقوم هذا الرجل فيصلي، وهو جنب، يتقرب إلى الله بما نهى الله عنه، ومن لا يرى أنه يكفر بذلك يرى أنه قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وأنه على خطر، وإن كان هذا الرجل الذي يبقى أياماً، وهو جنب، لا يصلي، فالأمر أخطر وأعظم، فإن ترك الصلاة على القول الراجح كفر مخرج عن الملة، كما قررنا أدلة ذلك في غير موضع من هذا المنبر نور على الدرب، والذين قالوا بعدم كفرهم: يأتوا بالبغاء، فإن ما عارضوا به أدلة الكفر لا يخلوا من خمس حالات؛ إما أن يكون لا دلالة فيه أصلاً أو الأحاديث ضعيفة، ضعيفة الثبوت أو ضعيفة الدلالة، أو تكون الأحاديث مقيدة بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة، أو تكون أحاديثاً مقيدة بحال يعذر فيها من لم يصل؛ لكون الإسلام قد اندرس وانمحى، أو تكون أحاديث عامة خصصت بالأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة، ومن المعلوم عند أهل العلم أن الخاص يقضي على العام، وإن نصيحتي لهذا الرجل أن يتقي الله تعالى في نفسه، وأن يبادر بالاغتسال من الجنابة، فإنه كلما كان الإنسان أطهر كان أنقى، ولا شك أنه لا يحل له إذا قامت الصلاة أن يدع الاغتسال من الجنابة، فيدع الصلاة، أو يصلى بلا غسل، نعم.