حكم رفع اليدين بالدعاء بعد التسليم من الفريضة وما حكم التسبيح بالمسبحة ؟
مدة الملف
حجم الملف :
1759 KB
عدد الزيارات 6287

السؤال:

تقول: هل يجوز رفع الأيدي بالدعاء بعد فرائض الصلاة، أي: بعد أن نسلم من الصلاة؟ وهل يجوز أن نستخدم المسبحة في التسبيح؟

الجواب:


الشيخ: نقول: إن من آداب الدعاء وأسباب إجابته أن يرفع الإنسان يديه إلى الله عز وجل حين الدعاء، ولكن ينبغي أن يعلم أن رفع اليدين في الدعاء على أقسام. قسمٌ بدعة ينهى عنه، مثل رفع الخطيب يديه حال خطبة الجمعة، فإن الصحابة أنكروا على بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة، إلا أنه يستثنى من هذا ما إذا دعا الخطيب بنزول الغيث أو بإمساكه، فإنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه دخل رجلٌ يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليهوسلم  يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: فوالله ما نرى في السماء من سحابٍ ولا قزعة وما بيننا وبين سلعٍ من بيتٍ ولا دار، فنشأت من ورائه سحابةٌ مثل الترس، فارتفعت فلما توسطت السماء انتشرت فرعدت وبرقت، ثم أمطرت، فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر ينحدر من لحيته، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً، ثم دخل رجل في يوم الجمعة الثانية فقال: يا رسول الله! غرق المال وتهدم البناء فادع الله يمسكها، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. وعلى هذا فينكر على الخطيب إذا دعا في خطبة الجمعة أن يرفع يديه إلا في الاستسقاء والاستصحاء، لورود النص بهما. الثاني من أقسام رفع اليدين بالدعاء: ما دلت السنة على عدم الرفع فيه، وذلك كالدعاء بين السجدتين، الدعاء بعد التشهد، فإن السنة تدل على أن الإنسان يضع يديه على فخذيه في الجلوس بين السجدتين، وكذلك في الجلوس للتشهد، وأن لا رفع في الدعاء في هذه الحال. والثالث: ما دل الدليل على أن الرفع من آداب الدعاء فيه، وهو ما عدا المواضع التي ثبت فيها عدم الرفع. وحينئذٍ فنقول للإنسان إذا دعا بعد الصلاة: إنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه إذا فرغ من صلاته، لا صلاة الفريضة ولا صلاة النافلة، فلم يرد أبداً عنه عليه الصلاة والسلام أنه إذا فرغ من الصلاة رفع يديه، وجعل يدعو، فليس من السنة إذاً أن ترفع يديك في الدعاء بعد صلاة الفريضة، أو بعد صلاة النافلة، بل ولا ينبغي أن تؤخر الدعاء إلى أن تسلم من الصلاة، بل الأفضل أن تدعو الله عز وجل قبل أن تسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا في قوله في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد قال: ثم ليتخير من الدعاء ما شاء. فالإنسان مأمور أن يدعو الله تعالى قبل أن يسلم، أما إذا سلم وانصرف وفارق المقام بين يدي الله عز وجل، فإن ذلك ليس من الحكمة أن يؤخر الدعاء إلى هذه الحال التي يكون فيها قد انصرف من صلاته. والخلاصة أن الأفضل لمن أراد الدعاء أن يدعو الله عز وجل قبل أن يسلم، إذ إن هذا هو الذي جاء الأمر به عن النبي صلى الله عليه وسلم.