ما هي الشروط التي يجب توفرها في القاضي ؟ وما حكم قبوله للهدية ؟
مدة الملف
حجم الملف :
2443 KB
عدد الزيارات 5148

السؤال:

رسالة وصلت من جمال عبده أحمد من اليمن مدرس يمني من اليمن الشمالي مركز الزهرة التعليمي يقول في هذا السؤال: ما الشروط التي يجب أن تتوفر في القاضي المسلم، وهل الإسلام يحرم على القاضي قبول الهدية، وهل تعتبر رشوة نرجو بهذا إفادة مأجورين؟ 

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ الجواب عن هذا السؤال أن يعلم أن كل ولايةٍ؛ فلا بد فيها من ركنين أساسيين؛ بل شرطين أساسيين؛ وهما القوة، والأمانة. وهذان الركنان أو الشرطان لا بد فيهما أو لا بد منهما في كل عمل قال الله تعالى:  ﴿إن خير من استأجرت القوي الأمين﴾ وقال لفيفٌ من الجن: ﴿أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه قويٌ أمين﴾ والقوة في القاضي تتركز على العلم، العلم بالشريعة الإسلامية حتى يقضي بها بين الناس، والعلم بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم حتى يتمكن من تطبيقها على الأحكام الشرعية؛ لأنه لا بد لكل حكمٍ من محلٍ قابلٍ له، فيشترط في القاضي أن يكون عالماً بالأحكام الشرعية، وعالماً بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم، ولا بد أن يكون أميناً، وهذه هي القوة، ولا بد أن يكون أميناً والأمانة لا تتحقق إلا إذا كان القاضي مسلماً عدلاً، فغير المسلم لا ينطبق حكمه على المسلمين؛ لأنه غير مأمونٍ في قضائه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نتبين في خبر الفاسق فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة﴾ فإن التبين في خبر الكافر من باب أولى؛ ولهذا لم تجز شهادة الكافر إلا في حال الضرورة في الوصية إذا مات المسلم في السفر، ولم يكن عنده مسلم وأوصى وأشهد كافرين، فإن الشهادة حينئذٍ تقبل ويقسمان بالله إن حصل ارتيابٌ في شهادتهم، المهم لا بد أن يكون القاضي مسلماً، ولا بد أن يكون عدلاً، والعدل هو الذي استقام دينه واستقامت مروءته، فمن ترك الواجبات، أو فعل الكبائر، أو أصر على الصغائر فليس بعدل؛ فلا يكون حاكماً؛ لأن الحكم يتضمن في الواقع ثلاثة أمور؛ شهادة، وبيان، وفصل الحاكم يبين الحكم الشرعي ويوضحه ويحكم بأنها لفلان، وهذا الحكم يقتضي أنه يشهد بأن الحكم لفلان على فلان ويفصل بين الناس؛ فلا بد أن يكون عدلاً؛ لنثق بحكمه وخبره. الشرط الرابع: أن يكون ذكراً؛ فلا يمكن أن يتولى القضاء امرأة؛ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يفلح قوماً ولوا أمرهم امرأة. وهناك شروطٌ أخرى اختلف فيها أهل العلم، ولا حاجة لذكرها حينئذٍ؛ لأن المقام لا يقتضي، قبول الهدية بالنسبة إلى القاضي، فإن أهل العلم يقولون: لا يجوز له أن يقبل الهدية إلا بشرطين؛ أحدهما: أن تكون ممن يهاديه قبل ولايته. والثاني: ألا يكون لهذا المهدي حكومة، فإن كان ممن لا يهاديه قبل ولايته فإنه لا يجوز له أن يقبل هديته؛ لأن هذا إنما أهداه؛ لتوليه القضاء فهو كالعامل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله بن اللتبية على الصدقة، فلما رجع، قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ وإذا كان للمهدي قضية حاضرة وحكومة عند هذا القاضي الذي أهدي إليه، فإنه يخشى أن تكون رشوة؛ ليحكم له بما يريد، ومن المعلوم أن الهدية توجب الميل؛ أي ميل المهدى إليه إلى المهدي وعدم التحقق والنظر في دعواه وفي أمره، إذاً لا يجوز للقاضي أن يقبل هدية إلا بهذين الشرطين؛ الشرط الأول: أن تكون من شخصٍ يهاديه من قبل ولايته، والشرط الثاني ألا يكون لهذا المهدي قضيةٌ حاضرة.