السؤال:
إذا صلى الإمام وأحدث في الصلاة، أو صلى ناسياً وهو على غير طهارة ماذا يعمل، وبالأخص إذا كان في الجلوس الأخير؟
الجواب:
الشيخ: نعم، إذا صلى الإمام بالجماعة وهو محدث ناسياً حدثه ولم يتذكر أو ولم يذكر إلا بعد تمام الصلاة وجبت عليه الإعادة، وأما المأمومين فلا تجب عليهم الإعادة، وأما إن ذكر في أثناء الصلاة فقد اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يقول يجب على المأمومين إعادة الصلاة من جديد، ومنهم من يقول: إنهم لا يجب عليهم الإعادة، وحينئذٍ نقول للإمام: خلّف من يصلي بهم، فقل: تقدم يا فلان أكمل الصلاة بهم فإني لست على وضوء، فإن لم يفعل فلهم أن يقدموا أحدهم ليتم بهم الصلاة، ولهم أن يصلوا أن يكملوا صلاتهم فرادى، وصلاتهم صحيحة لأنهم معذورون حيث كانوا لا يعلمون بحدث الإمام، وهم قد فعلوا الصلاة على الوجه الذي أمروا به، فإذا فعلوا الصلاة على الوجه الذي أمروا به فإنه لا يمكن أن يفسد ما فعلوه على حسب المأمور إلا بدليلٍ من الشرع، وليس هناك دليلٌ يدل على أن الإمام إذا بطلت صلاته بطلت صلاة المأموم، وعلى هذا فالقول الراجح في هذه المسألة أن الإمام إذا ذكر أنه محدث في أثناء الصلاة قلنا له: خلّف من يتم بهم الصلاة، فإن لم يفعل فللمأمومين أن يقدموا أحدهم ليتم بهم الصلاة، ولهم أن يتموا صلاتهم فرادى، ولا تجب عليهم إعادة الصلاة من أولها لعدم الدليل على إفساد الصلاة ووجوب إعادتها من أولها، أما بالنسبة للإمام فقد عرفت أيها السائل، أيها المستمع، عرفت أن صلاته باطلة لأنه كان محدثاً، وبهذه المناسبة أود أن أبين أن هناك فرقاً بين من صلى محدثاً ناسياً وبين من صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً، فمن صلى وهو محدث ناسياً أو جاهلاً فإن عليه أن يتوضأ ويستأنف الصلاة من جديد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاةً بغير طهور». فمثال الناسي واضح، ومثال الجاهل أن يأكل الإنسان لحم إبل ويجهل أنه لحم إبل ثم يصلي، ثم يعلم بعد ذلك أن الذي أكله لحم إبل وهو لم يتوضأ قبل أن يصلي، فقد صلى بحدثٍ جاهلاً به، وعلى هذا فتلزمه إعادة الصلاة بعد الوضوء، وأما من صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه وصلاته صحيحة، مثال الناسي أن تصيب الإنسان نجاسةٌ في ثوبه وينسى أن يغسلها أو ينسى أنها أصابته ثم يصلي، وبعد صلاته ذكر أن على ثوبه نجاسة فلا إعادة عليه، وكذلك لو كان جاهلاً بأن أصابه رشاش بولٍ لم يعلم به، وبعد انتهائه من صلاته علم بذلك فإنه لا إعادة عليه لأنه كان جاهل،اً والناسي والجاهل معذوران بنص الكتاب، قال الله تعالى: ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ فقال الله تعالى: «قد فعلت». ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه وعليه نعلاه، ثم خلعهما فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف من الصلاة سألهم لماذا خلعوا نعالهم فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذىً أو قذراً فخلعتهما» ولم يستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، فدل ذلك على أن من صلى وعلى ثوبه أو شيء من ملابسه نجاسة وهو جاهلٌٍ بذلك فلا إعادة عليه، فإن قال قائل: ما الفرق بين هذا وهذا؟ أي ما الفرق بين كون الإنسان إذا صلى محدثاً ناسياً أو جاهلاً وجبت عليه الإعادة بعد الوضوء، ومن صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه؟ فالجواب أن الفرق بينهما هو أن من صلى محدثاً فقد ترك مأموراً، والعبادة إذا ترك المأمور فيها لم تصح، وأما من صلى وعلى ثوبه نجاسة فإنه قد فعل محظوراً وهو تلبسه بالنجاسة، وفعل المحظور إذا كان الإنسان فيه ناسياً أو جاهلاً فإنه لا يؤاخذ به ولا يترتب عليه أثر. نعم.