هل للموظف أخذ ما يهدى له ؟
مدة الملف
حجم الملف :
1554 KB
عدد الزيارات 19152

السؤال:

رسالة وصلت من اليمن، المستمع محمد عبد الله، المستمع يا فضيلة الشيخ يسأل عن الهدية التي تهدى لرجل لك عنده معاملة، ما حكم أخذ هذه الهدية، وهناك حديث: «تهادوا تحابوا»؟ أرجو بهذا إفادة.

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين. وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. الهدية لا شك أنها توجب المودة والمحبة والألفة بين الناس، وهذا امر يشهد به الواقع، ولكن إذا تضمنت مفسدة أكبر من مصلحتها فإن القاعدة الشرعية تقتضي أن تكون حراماً، ألا ترى إلى قول تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾. ولما كان إثمهما أكبر من نفعهما حرمهما الله عز وجل، فالهدية إذا تضمنت محظوراً صارت حراماً، مثل أن تهدي إلى شخص موظف لدى الدولة وملزم بأن يقوم بعمل تلك المصلحة، فتهدي إليه هدية ليقوم لك بالعمل الذي يقوم به بمقتضى وظيفته، فإن هذه الهدية هنا تكون حراماً لأن قبول الهدية حرام، وما كان سبباً للحرام فهو حرام، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم  بعث عبد الله بن اللتبية عاملاً على الصدقة، فلما رجع قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقال: «هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا». وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال: «هدايا العمال غلول»، فلا يحل لأحد قائم على عمل بالدولة أن يقبل هدية من له عنده معاملة؛ لأن ذلك شبيه بالرشوة، بل هو في الحقيقة رشوة؛ لأن هذا المهدي إنما أهدى ليتوصل إلى حقه الذي يجب على المهدى إليه أن يقوم به. خلاصة الجواب أنه يجب على من كان قائماً على وظيفة من الوظائف أن يتقي الله في نفسه، وأن يقوم بها على الوجه الذي تبرأ به الذمة، وألا يمنع حقوق الناس من أجل أن يضطرهم إلى بذل المال له، هذا من جهة المهدى إليه، أما من جهة المهدي فإنه لا يحل له أن يهدي إلى أحد قائم على عمل من أجل أن يقوم بما يلزمه من العمل، نعم لو فرض أن حقك لا يمكن أن  يستخلص ألا بشيء فهنا قد نقول إنه لا حرج عليك، لأنك تريد استرداد حقك، ولكن الحرج والإثم على الآخذ.