نصيحة إلى من ابتلوا بالمآتم
مدة الملف
حجم الملف :
1623 KB
عدد الزيارات 1189

السؤال:

على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة المستمع شوقي محمد أبو سعد، وقد عرضنا بعضاً من أسئلته في الحلقة الماضية، يقول: إنني أرجو من فضيلة الشيخ توجيه كلمة لأولئك الذي يعتقدون أن إقامة المأتم شيء ضروري ومهم بالنسبة إلى الميت، مع العلم بأن هذا الشيء يأخذ مجال التسابق فيمن يأتي أحسن ويأخذ مالاً أكثر، نرجو بهذا نصيحة؟

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد، فإن النصيحة التي أوجهها إلى من ابتلوا بهذه العادات المخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم  وأصحابه، فنصيحتي إليهم أن يعلموا علم اليقين أن الاجتماع على هذه المآتم من الأمور البدعية، لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، ويعلموا أيضاً أن هذه المآتم إذا اشتملت على الكذب والنياحة كان الاجتماع عليها من كبائر الذنوب، لأن النياحة من الكبائر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه لعن النائحة، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها جاءت يوم القيامة وعليها سربال من قطران، وبئر من جرب، والعياذ بالله، ومن وافقها على نياحتها، واستمع إليها، كان له من الإثم مثل ما كان لها، قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ﴾، يعني إن قعدتم معهم فإنكم مثلهم، ﴿إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً﴾، وليعلم هؤلاء أن الميت لا ينتفع  من ذلك بشيء، وذلك أن القارئ الذي يأتون إلى ذلك المكان لا يقرأ إلا بأجرة، وإذا كان لا يقرأ إلا بأجرة فإنه لا أجر له من ثواب الآخرة، حيث أراد بعمله هذا الدنيا، وما أراد بعمله الدنيا، لم يكن له من ثواب إلا ما حصله في دنياه، وما حصله في دنياه لا يصل إلى الميت، يقول الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». وعلى هذا، فإن هذا العمل ليس فيه إلا إضاعة الوقت، وإضاعة المال، واكتساب الآثام، فنصيحتي لإخواني الذين أصيبوا بمصيبة ميتهم أن يفعلوا ما أرشد الله إليه ورسوله في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾،فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويقول: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها، فإنه إذا قال ذلك آجره الله في مصيبته، وأخلفه خيراً منها، وليصبر وليحتسب على ما مضض مرارته، الصبر على هذه المصيبة فإن الله تعالى يقول: ﴿واصبروا إن الله مع الصابرين﴾، ويقول جل ذكره: ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾.