هل استعمال المسبحة من البدع؟
مدة الملف
حجم الملف :
1829 KB
عدد الزيارات 29038

السؤال:

أثابكم الله يا شيخ محمد، رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين عطية من المدينة المنورة، المستمع يقول: لقد سمعت حلقة من برنامج نور على الدرب يوم الخميس الموافق 14/6/1407 هـ، وسمعت إجابة السؤال الأول من البرنامج والذي قال فيه فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين: إن كل بدعة ضلالة، وذكر الحديث، وقال: يعني أن ليس هناك بدعة غير ضلالة، وليس هناك بدعة حسنة، بل كل بدعة ضلالة، سؤالي هل السبحة تعتبر بدعة، وهل هي بدعة حسنة أم بدعة ضلالة؟

الجواب:


الشيخ: السبحة ليست بدعة دينية، وذلك لأن الإنسان لا يقصد التعبد لله بها، وإنما يقصد ضبط عدد التسبيح الذي يقوله، أو التهليل، أو التحميد، أو التكبير، فهي وسيلة، وليست مقصودة، ولكن الأفضل أن ينهى منها، أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله، أي: بأصبعه، لأنهنّ مستنطقات كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن عد التسبيح ونحوه بالمسبحة يؤدي إلى غفلة الإنسان، فإننا نشاهد كثيراً من أولئك الذين يستعملون المسبحة فنجدهم يسبحون وأعينهم تدور هنا وهناك، لأنهم قد جعلوا عدد الحبات على قدر ما يريدون تسبيحه، أو تهليله، وتحميده، وتكبيره، فتجد الإنسان منهم يعد هذه الحبات بيده، وهو غافل القلب، يتلفت يميناًَ وشمالاً، بخلاف ما إذا كان يعدها بالأصابع، فإن ذلك أحفظ لقلبه غالباً، الشيء الثالث أن استعمال المسبحة قد يدخله الرياء، فإننا نجد كثيراً من الناس الذين يطيلون فترة التسبيح يعلقون في أعناقهم مسابح طويلة، كثيرة الخرزات، وكأن لسان حالهم يقول: انظر إلينا، فإننا نسبح الله بقدر هذه الخرزات، وأنا استغفر الله أن أتهمهم بهذا، لكنه يخشى منه، فهذه ثلاثة أمور كلها تقضي بأن يتجنب الإنسان التسبيح بالمسبحة، وأن يسبح الله سبحانه وتعالى بأنامله، ثم إن الأولى أن يكون عقد التسبيح بالأنامل في اليد اليمنى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه، واليمنى خير من اليسرى بلا شك، ولهذا كان الأيمن مفضلاًَ على الأيسر، ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يأكل الرجل بشماله، أو يشرب بشماله، وأمر أن يأكل الإنسان بيمينه، قال النبي عليه الصلاة والسلام : «يا غلام، سمِّ اللهَ، وكل بيمينك، وكل مما يليك». وقال: «لا يأكلنّ أحدكم بشماله، ولا يشربنّ أحد بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله». فاليد اليمنى أولى بالتسبيح من اليد اليسرى اتباعاً للسنة وأخذاً باليمين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله، وعلى هذا فإن التسبيح بالمسبحة لا يعد بدعة في الدين، لأن المراد بالبدعة المنهي عنها هي البدعة في الدين، والتسبيح بالمسبحة إنما هو وسيلة لضبط العدد، وهي وسيلة مرجوحة مفضولة، والأفضل منها أن يكون عد التسبيح بالأصابع.