حكم دعاء أهل القبور..
مدة الملف
حجم الملف :
2116 KB
عدد الزيارات 2833

السؤال:

بارك الله فيكم، المستمع أيضاً محمد من أثيوبيا، يتطرق يا فضيلة الشيخ إلى الاعتقاد في أهل القبور، يقول: تكثر عندنا المعتقدات، يعني: في أهل القبور، وسؤالهم حاجاتهم المهمة، ملتفين حول قبابهم، كطلب الأولاد، والغنى، فما نصيحتكم لهؤلاء بارك الله فيكم؟

الجواب:


الشيخ: هذه المسألة خطيرة جداً، لا أخطر منها فيما أرى، لأنها شرك، وشرك أكبر مخرج عن الملة، فإن من أتى إلى القبور، ودعاهم، واستغاث بهم في تفريج الكربات، وحصول المطلوبات، كان داعياً لغير الله عز وجل، كان مشركاً في دنيه، وضالاً في عقله، أما كونه مشركاً في دينه فلأنه عبد مع الله غيره حيث دعاه، ودعاء غير الله عبادة له، قال الله عز وجل: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾، فأمر الله بالدعاء، وجعله عبادة، قال: إن الذين يستكبرون عن عبادته، فإذا دعا أحداً غير الله فقد عبده، فيكون بذلك مشركاً كافراً، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾، فأخبر بأن هذا كافر، أي: من يدعو مع الله إلهاً آخر، وأنه غير مفلح في دعائه، فلم يحصل له مطلوبه، وإن قدر له، فإن هذا المطلوب لم يحصل بالدعاء، ولكنه حصل عند الدعاء امتحاناً من الله عز وجل، وفتنة واستدراجاً، وأما كونه من دعا غير الله تعالى ضالاً في عقله، فلأن الله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾، وفي الآية هذه دليل أيضاً على أن الدعاء عبادة، وقوله: ﴿وكانوا بعبادتهم كافرين﴾، وإن نصيحتي لهؤلاء أن يرجعوا إلى رشدهم، وأن يفكروا تفكيراً، فالمقبورون هم بالأمس كانوا مثلهم أحياء على الأرض، ثم ماتوا، فكان أعجز منهم على حصول المطلوب، فمن حين الحياة كان أقدر منهم بعد الوفاة، لأن الميت لا حراك به، ولا عمل له، ولا ثواب له، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان انقطع علمه إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». وإنما انقطع عمله لأنه كسب له، ولا يستطيع أن يتكسب، ولا يستطيع أن يجلب خيراً لغيره، ولا يدفع عنه غيره، فليرجعوا إلى عقولهم، أي: فليرجع هؤلاء الذين يلتفون حول القبور، يسألوهم الحوائج، ودفع القربات، لينظروا في أمرهم، ويتدبروا بعقولهم، وأن ذلك لا يجدي شيئاً، ولماذا لا يرجع هؤلاء إلى البديل الذي هو خير من ذلك، والذي هو به النفع، ودفع الضرر، وهو الالتجاء إلى الله عز وجل؟! فيدعون الله عز وجل في صلواتهم، وفي خلاوتهم، فإنه سبحانه وتعالى هو الذي قال في كتابه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾، وقال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، فلماذا لا يدعون الله عز وجل؟! فليرجعوا عن هذا العمل، أعني: الالتفاف حول القبور، ودعاء أصحابها، فليتفوا حول المساجد، ويصلوا مع الجماعة، ويدعوا الله سبحانه وتعالى وهم سجود، ويدعوا الله تعالى بعد الانتهاء من السجود قبل الانتهاء من التشهد، وقبل أن يسلموا، ويدعوا الله بين الأذان والإقامة، ويتحروا أوقات الإجابة والأحوال التي يكونون فيها أقرب إلى الإجابة، فيلجئوا إلى الله تعالى بالدعاء حتى يجدوا الخير والفلاح والسعادة.