حكم توكيل المرأة من يحج عنها..
مدة الملف
حجم الملف :
1592 KB
عدد الزيارات 817

السؤال:

أخيراً في رسالة المستمع يقول في رسالته: امرأة أرادت أن توكل إنساناً ليحج عنها لأنها واثقة به بأن يؤدي المناسك كاملة، ولقلة معرفتها بمناسك الحج، ثم إنها تخاف على نفسها من ظروف العادة وغيرها، ولكي تقوم بتربية أولادها ومراعاتهم في البيت، فيجوز ذلك شرعاً في نظركم يا فضيلة الشيخ؟

الجواب:


الشيخ: إذا وكل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين، الحال الأولى أن يكون ذلك في فريضة، والحال الثانية أن يكون ذلك في نافلة، فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز له أن يوكل غيره ليحج عنه إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت، لمرض متسمر لا يرجى زواله، ونحو ذلك، فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدي الحج، وإن لم يكن له مانع من الحج، بل كان قادراً على أن يحج بنفسه، لا يحل له أن يوكل غيره في أداء النسك عنه لأنه هو المطالب به شخصياً، قال الله تعال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات، وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة، وأراد أن يوكل عنه ليحج أو يعتمر، فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم، فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، والأقرب منه المنع، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان نفسه، وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليّه، وكذلك الحج، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه، وليس عبادة مالية يقصد بها نفع غير، وإذا كان عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه، فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة، وما لم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حتى يحل، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد، أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في حج أو عمرة سواء أكان قادراً أم غير قادر، ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث على الأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج على أساس أنه يكل من يحج عنه.