هل صحيح أن الإنسان إذا مات.. يصيح صيحة يسمعها جيمع المخلوقات إلا الثقلين
مدة الملف
حجم الملف :
2031 KB
عدد الزيارات 14809

السؤال:

بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ، رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع علي عيسى الحارثي، مكة المكرمة، يقول في رسالته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد قرأت في أحد الكتب أنه إذا مات الإنسان، ودخل عليه المغسل، يصيح صيحة يسمعها جميع المخلوقات إلا الثقلين، وإذا نزع عمامته من رأسه، يصيح صيحة يسمعها جميع المخلوقات إلا الثقلين، وسبب ذلك أن جسمه لا يطيق أن يمسه أحد، هل هذا القول صحيح يا فضيلة الشيخ، أفتونا مأجورين؟

الجواب:


الشيخ: هذا القول غير صحيح، لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما الثابت أن الإنسان إذا دفن، أتاه ملكان، يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه، ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ يثبت الله الذين آمنوا، فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، وينادي مناد من السماء أن صدق عبدي. وأما الكافر، أو المنافق، فيقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، لأنه لم يدخل الإيمان قلبه، والعياذ بالله، فيضرب بمرزبة من حديد، أي: بمطرقة من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنس والجن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولو سمعها الإنسان كفاه»، وفي هذا الحديث إثبات لعذاب القبر الذي دل عليه ظاهر القرآن، وصريح السنة، وأجمع المسلمون عليه في صلواتهم، ففي القرآن يقول الله تعالى في آل فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾، فقوله: [اليوم] أل فيه للعهد الحضوري، أي: هذا اليوم الذي يكونون فيه في غمرات الموت، وهو دليل واضح على إثبات عذاب القبر، وقوله تعالى: ﴿ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم﴾، وأما السنة فقد تواترت في ذلك، والمسلمون كلهم يقولون في صلاتهم: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. فعذاب القبر ثابت بدلالة الكتاب والسنة، ولا شك فيه، ولهذا يجب على المرء أن يكون حذراً مما يكون سبباًَ لعذاب القبر، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إنهما ليعذابان، وما يعذبان في كثير، أي: في أمر شاق عليهما، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، فغرس في كل قبر واحدة، فقالوا: لماذا فعلت هذا يا رسول الله؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا». وإنني بهذه المناسبة أذكر قوماً يضعون على قبور زويهم من الأغصان الرطبة مستدلين بهذا الحديث، ولا دلالة فيه على ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يضعه على قبر كل ميت، وإنما وضعه على قبر هذين الرجلين اللذين كانا يعذبان، فهل أنت أيها الإنسان ترى أن من وضعت عليه هذا الغصن تراه يعذب في قبره، إنك إن رأيت ذلك، فقد ظننت به ظن السوء، وظن السوء للمسلم محرم، إذا كان ظاهره العدالة، وعليه، فإن وضع هذه الأغصان الرطبة على القبور مخالف للسنة، وتهمة للميت بأنه يعذب، نسأل الله العافية.