حكم الإسرار بالقراءة في موضع الجهر والعكس
مدة الملف
حجم الملف :
2508 KB
عدد الزيارات 1372

السؤال:

هذه رسالة وصلت المستمع محمد الخير من سوريا، يقول في رسالته: هل يشترط أن الجهر بالصلوات الجهرية كلها، وما هو الحكم فيما لو جهر الإنسان في الركعة الأولى وأسر في الثانية؟

الجواب:

الشيح: الإسرار بالقراءة في موضعه والجهر بالقراءة في موضعه من الصلوات هو سنة، وليست بواجب، لأن الواجب القراءة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب»، فإذا جهر الإنسان في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر، فإن كان غرضه مخالفة السنة، فلا شك أن هذا محرم، وخطير جداً، وإن كان لغرض آخر، إما تهاوناً بالسنة، وإما لسبب يقتضيه الإسرار، أو الجهر، والظروف التي تحتوي ذلك لا نستطيع أن نحصرها في هذا المقام، فإنه لا بأس به، بل لو تعمد ترك الإسرار في موضع الإسرار، أو ترك الجهر في موضع الجهر، وليس قصده الواضح عن السنة والهجر لها، فإنه لا يأثم، ولكنه فاته الأجر، ولكن قد ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في السرية ربما يجهر بالآية حتى يسمعها من خلفه أحياناً، فإذا فعل الإمام ذلك، فلا حرج، هذا بالنسبة للإمام، أما بالنسبة للمأمومين فإنه لا يجهر بالقراءة، لأن ذلك يشوش على الآخرين، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، وهم يقرأون، ويجهرون بالقراءة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن»، أو قال: في القراءة. فمتى كان في رفع الصوت تشويش على الغير، فإنه ينهى عنه، وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس يفعلون شيئاً يحصل به التشويش، وهم يريدون الإحسان إن شاء الله تعالى، إذا قاموا الجماعة فتحوا مكبر الصوت من على المنارة، فتجدهم يشوشون على المساجد التي بقربهم، وعلى المصلين في البيوت، وربما أضروا بأناس آخرين يريدون الراحة لأنهم أدوا ما وجب عليهم، فلنفرض أن في البيوت منهم مرضى، وقد أدوا الصلاة، ويريدون أن يستريحوا، فتكون هذه الأصوات مقلقة لهم أحياناً، وإذا كانت هذه الأصوات تشوش على المساجد الأخرى، فإن الحديث الذي أشرنا إليه وقد رواه مالك في الموطأ، وصححه ابن عبد البر، فإن حالهم هذه تنطبق على الحديث الذي أشرنا إليه، والذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: «لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن»، أو قال: في القراءة. ثم إن في رفع الصوت من على المنارة فيه سبب للكسل والتواني، فإن الذي يسمعون هذا من أهل البيوت يقول الواحد في نفسه: الإقامة الآن، وإني أدرك آخر ركعة، ثم يمضي به الأمر حتى تفوته الصلاة، لأنه يسمع الإمام، فتجده يتهاون، وتركن نفسه للكسل، أما إذا كان ذلك لا يسمع، فإن كل أحد يسمع الأذان سوف يتهيأ للصلاة، ويخرج إليها، والذي أرى في هذه المسألة ألا ترفع الصلاة من على مكبرات الصوت فوق المنارة مما ذكرت من الحديث، ومن العلل التي تحصل التي تستلزم ألا ترفع الصلاة من هذه المنارات، أما إذا أقيمت الصلاة بمكبر الصوت من أعلى المنارة، فأرجو ألا يكون في هذا شيء على أن بعض الناس اعترض، وقال: إن رفع الإقامة من على المنارة فيه أيضاً سبب للكسل، لأن الإنسان إذا سمع الأذان انتظر، وقال: أبقى حتى تقام الصلاة، ولكن الذي أراه أنه لا بأس به، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا»، وهذا دليل على أن الإقامة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام تسمع من خارج المسجد، فإن قيل: قد تكون الجماعة كثيرة، والمسجد واسعاً، وصوت الإمام ضعيفاً لا يبلغ المأمومين، فنقول: يمكن أن يكون هناك مكبر صوت من داخل المسجد، لا من على المنارة، يحصل به المقصود.