
السؤال:
مرحباً بكم وأهلاً، هذه رسالة وصلتنا من المستمع عبد المنعم فتح الله سوداني، مقيم في القصيم، يقول في رسالته: إذا أصابت الرجل جنابة، وأوجبت عليه الغسل، وهو في نفس الوقت مريض بمرض يمنعه من الغسل بالماء، فهل التيمم يغني عن الغسل بالماء، حتى ولو زال المانع بعدة أيام، وهل التيمم لرفع الجنابة يغني عن الوضوء للفريضة إذا دخل وقتها، في وقت نفس وقت أداء رفع الجنابة، أفيدونا بذلك مأجورين؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، إذا أصابت الرجل جنابة، أو المرأة، وكان مريضاً لا يتمكن من استعمال الماء، فإنه في هذه الحال يتيمم لقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾، وإذا تيمم عن هذه الجنابة فإنه لا يعيد التيمم عنها مرة أخرى إلا بجنابة أخرى، ولكنه يتيمم عن الوضوء كلما انتظر الوضوء، والتيمم رافع للحدث، مطهر للمتيمم، لقول الله تعالى حين ذكر التيمم وقبله الضوء والغسل، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «جعلت لأمتي الأرض مسجداً وطهوراً». والطهور ما يتطهر به الإنسان، وهذا يدل على أن التيمم مطهر، لكن طهارته مقيدة بزوال المانع من استعمال الماء، فإذا زال المانع من استعمال الماء، فبرئ المريض، ووجد الماء من عدمه، فإنه يجب عليه أن يغتسل إذا كان تيممه عن جنابة، وأن يتوضأ إذا كان تيممه عن حدث أصغر، ويدل بذلك ما رواه البخاري، من حديث أبي سعيد الطويل، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً لا يصلي في القوم، فسأله: «ما الذي منعك؟ فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة، ولا ماء. فقال: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك، ثم حضر الماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقى الناس منه، وبقي منه بقية، فقال للرجل: خذ هذا، فأفرغه على نفسك». وهذا دليل على أن التيمم مطهر وكافٍ عن الماء، لكن إذا وجد الماء فإنه يجب استعماله، ولهذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يفرغه على نفسه بدون أن يحل له جنابة جديدة، وهذا القول الذي قلناه هو القول الراجح من أقوال أهل العلم.