حكم الصلاة خلف من يجري على لسانة الحلف بالنبي
مدة الملف
حجم الملف :
2124 KB
عدد الزيارات 2102

السؤال:

بارك الله فيكم، في رسالته الأخيرة يقول: يوجد إمام مسجد جارٍ على لسانه القسم بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيقول مثلاً: تفضل والنبي، اجلس والنبي، أو: والنبي اعمل كذا، وكذلك يدعو بعد الصلاة دعاء جماعياً، ويختم الدعاء بالفاتحة، ولم يتقيد بالسنة في الصلاة كوضع اليد اليمنى على اليسرى، ورفع اليدين عند الركوع، وعند الرفع من الركوع، فهل تصح الصلاة خلفه أم لا، أفيدونا مشكورين؟

الجواب:


الشيخ: الصواب من أقوال أهل العلم أن الصلاة خلف العاصي إذا لم تصل معصيته إلى كفر صحيحة، لكن كلما كان الإمام أتقى لله فالصلاة خلفه أولى، وما ذكرت عن هذا الإمام، فإن كان الأمر كما قلت، فإن الواجب على المسئولين، أعني: عن الأئمة والمساجد، أن يستبدلوا بهذا الإمام غيره، بمعنى أن يقيموا غيره مقامه، إلا أن يتوب إلى الله، لأن هذا الإمام يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم محرم، بل هو نوع من الشرك، لقول النبي صلى عليه وسلم: «من كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك »، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يرضى أن  تغلو أمته فيه حتى تقسم به كما تقسم بالله عز وجل، بل من أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم معتقداًَ أن للنبي صلى الله عليه وسلم نصيباً من الربوبية، وجلب النفع، ودفع الضرر، فإنه يكون مشركاً شركاً أكبر، مخرجاً عن الملة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لأحد نفعاً ولا ضراً، كما قال الله تعالى آمراً له: ﴿قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً﴾ وكما لا يملك لغيره لا يملك ذلك لنفسه أيضاً، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾، ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، ومن أراد تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام، فليعظمه بما أرشد إليه أمته، وذلك بتعظيم سنته، واتباعها ظاهراً وباطناً، ومحبته صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة النفس والولد والوالدين والناس أجمعين، وأما كون هذا الإمام لا يضع يده اليمنى على اليسرى فإنه في ذلك خالف السنة، فإن السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، من حديث سهل بن ساعد رضي الله عنه، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. فالمشروع للإنسان في حال القيام قبل الركوع أو بعده أن يضع يده اليمنى على اليسرى، وأفضل محل تكون فيه أو تكون عليه اليدان هو الصدر، هي أحسن ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون وضع اليدين على الصدر، وأما كونه لا يرفع يديه عند الركوع فكذلك أيضاً هو خلاف السنة، فقد ثبت في الصحيحين، من حديث ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وصح أيضاً أنه كان يرفعهما إذا قام من  التشهد الأول، فلا ينبغي العلو عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس كائناً من كان، وأما أن يدعو بعد الصلاة دعاء جماعياً، فإن هذا من البدع التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، والمشروع للمصلين بعد الصلاة كل يذكر الله تعالى له وحده بما جاء عن  رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك جهراً، كما في صحيح البخاري، عن طريق ابن عباس رضي الله عنهما، أو كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.