معنى حديث : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. "
مدة الملف
حجم الملف :
2431 KB
عدد الزيارات 12790

السؤال:

هذه رسالة من جاسم علي هاشم الأسدي، يقول في رسالته: ما معنى الحديث الشريف: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب:


الشيخ: معروف أن الإنسان إذا مات فإنه ينقطع عمله، لأنه مات، والعمل إنما يكون في الحياة، إلا من هذه الأمور الثلاثة، لأنه هو السبب فيها، الصدقة الجارية، وهي الخير المستمر، مثل: أن يوقف الرجل بستانه على الفقراء، أو يوقف عقاره على الفقراء، فإن الفقراء ما داموا ينتفعون بهذا العطاء، أو ينتفعون بثمرة هذا البستان، فإنه يكتب له، وهو أجر حاصل بعد موته، لكن هو السبب في إيجاده، والثاني: العلم الذي ينتفع به، كأن يعلم الناس ويدلهم على الخير وعلى فعل المعروف، فإذا علم الناس وانتفعوا بعلمه بعد موته فإن له أجرهم من غير أن ينقص من أجرهم شيئ، لأن الدال على الخير كفاعل الخير، وهذا دليل على بركة العلم وفائدته في الدنيا والآخرة، وأما الثالث، وهو الولد الصالح الذي يدعو له بعد موته، لأن الولد من كسب الإنسان، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث: «أو ولد صالح يدعو له» لأن غير الصالح لا يهتم بنفسه، فلا يهتم بأبيه، أو أمه، وفيه إشارة إلى أنه من المهم جداً أن يربي الإنسان أولاده تربية صالحة حتى ينفعوه في حياته، وبعد مماته، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «أو ولد صالح يدعو له» إشارة إلى أن الدعاء للأب أو لغيره من الأقارب أفضل من أن يقوم الإنسان بعبادة يتعبد لله بها، ويجعل ثوابها لهم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل: أو ولد صالح يصلي له، أو يصوم له، أو يتصدق له، مع أن سياق الحديث في العمل «انقطع عمله إلا من ثلاث» فلو كان عمل الإنسان لأبيه بعد موته مما يندب إليه لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخيراً يكون دعاء الإنسان لوالديه أفضل من أن يسبح، أو يقرأ، أو يصلي، أو يتصدق، ويجعل ثواب ذلك لهم، والإنسان محتاج إلى العمل الصالح، فيجعل العمل الصالح لنفسه، ويدعو لوالديه بما يحب، ولا يعني قوله صلى الله عليه وسلم: «أو ولد صالح يدعو له» أنه لو دعا له غير ولده لم ينتفع به، بل دعاء أخيك المسلم نافع لك، ولو كان بيته قريباً لك، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ فوصف الله هؤلاء الأخيار أنهم يدعون لأنفسهم ولإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، وهذا يشمل إخوانهم الأحياء، والأموات، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلم يموت، ويقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه» حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت ينتفع بدعاء المصلين عليه، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «أو ولد صالح يدعو له» مبنياً على أن الولد الصالح الذي هو بضعة منه كأنه هو نفسه، ولهذا قال: «انقطع عمله إلا من ثلاث»، فجعل دعاء الولد لأبيه من عمل الأب، وقد استدل بعض الناس بهذا الحديث على أنه لا يجوز إهداء القرب للأموات، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «انقطع عمله إلا من ثلاث» ولكننا في الاستدلال هذا نظراً لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «انقطع عمله»، ولم يقل: انقطع العمل له، فلو أن أحداً من الناس غير الابن أهدى ثواب قربة إلى أحد من المسلمين، فإن ذلك ينفعه، لو أنك حججت عن شخص ليس من آبائك وأمهاتك، نفعه ذلك، وكذلك لو اعتمرت عنه، أو تصدقت عنه، فإنه ينفعه على القول الراجح.