معنى قوله تعالى : " الله نزل أحسن الحديث كتابا.." الآية
مدة الملف
حجم الملف :
1759 KB
عدد الزيارات 3055

السؤال:

بارك الله فيكم. السؤال الثاني يقول أيضاً: ما معنى قوله تعالى في سورة الزمر: ﴿الله نزل أحسن الحديث كتاب متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد﴾.

الجواب:


الشيخ: معناها أن الله تعالى يغفر بأن نزل أحسن الحديث؛ كتابه وهو القرآن الكريم الذي نزله على محمد صلى الله عليه وسلم، نزله كتاباً متشابهاً يشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة، ويوافق بعضه بعضاً، وليس فيه مناقضة ولا اختلاف كما قال الله تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾. مثاني تثنى فيه المعاني والأحوال والأحكام، فيذكر الله تبارك وتعالى خبراً يثني فيه علي قوم، وخبراً آخر يقدح فيه بقوم، ويخبر الله تعالى خبراً عن الجنة ثم عن النار، يخبر الله تعالى خبراً عن الصدق ثم عن الكذب، وهكذا مثاني يكون فيه الآيات التي تكون أحكاماً والآيات التي تكون وعداً ووعيداً، حتى يكون الإنسان متقلباً في هذا الكتاب العظيم بين ومضات آياته ومعانيه العظيمة؛ ولهذا قال (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) لعظمته والهيبة منه وخوفنا فيه من الوعيد، ثم بعد ذلك (تلين جلدوهم وقلوبهم إلي ذكر الله) ويحل فيها الطمأنينة والاستقرار، (ذلك هدى الله) يؤتيه لمن يشاء، ومن يضلل فما له من هاد. هذا وصف للقرآن الكريم بأنه متشابه، وفي آيات أخر وصفه الله تعالى بأنه محكم، وبأن بعضه محكم وبعضه متشابه، وحينئذ نحتاج إلى الفرق بين هذه الأوصاف، فيكفي القرآن أنه محكم كله، معناه أنه في غاية الجودة والأحكام والإتقان، ويصف القرآن بأنه متشابه كله، معناه أنه يشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة والإتقان، ويصف القرآن بأن بعضه محكم وبعضه متشابه، معناه أن بعض الآيات منه محكمة واضح معناها لا يظهر فيها شيء من التعارض أو التناقض، وبعضه متشابه يشتبه في معناها على كثير من الناس، وربما يظهر لبعضهم فيه التعارض، والأمر ليس كذلك، ولا يعرف هذا إلا الراسخون في العلم، يعرفون معاني هذه الآيات الخفية التي قد يفهمها بعض الناس بالتعارض وليست كذلك، وينقسم منها تجاه هذه الآيات إلي قسمين: قسم منهم يتبعون المتشابه من القرآن ابتغاء الفتنة وفض الناس عن محكم آيات القرآن وعن الدين والإيمان واليقين، يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وأما الراسخون في العلم فهم يؤمنون بأنه من عند الله، فيقولون آمنا به كل من عند ربنا، ويعرفون كيف يجمعون بين هذه الآيات المتشابهة وبين الآيات المحكمات برد المتشابه إلى المحكم حتى يكون القرآن كله محكماً، وما يذكر إلا أولو الألباب.