معنى الاستواء في اللغة وكيف نثبت صفة الاستواء لله تعالى ؟
مدة الملف
حجم الملف :
1665 KB
عدد الزيارات 13706

السؤال:

بارك الله فيكم. هذه الرسالة من المستمع محمد طيب مندور أحمد من الباكستان، السؤال الأول في رسالته يقول: ما هي أنواع الاستواء في لغة العرب؟ وكيف نثبت لله سبحانه وتعالى صفة الاستواء؟

الجواب:


الشيخ: الاستواء في اللغة العربية يأتي لازماً ويأتي متعدياً إلى المعمول بحرف الجر، ويأتي مقروناً بواو المعية. فهذه ثلاثة وجوه للاستواء. أما الأول وهو أن يأتي مطلقاً غير مقيد بالمعمول ولا بواو المعية فإنه يكون بمعنى الكمال، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ أي: كمل. ومنه قول الناس في لغتهم العامية: استوى الطعام. أي: كمل نضجه. والوجه الثاني أن يأتي مقروناً بواو المعية، فيكون بمعنى التساوي، كقولهم: استوى الماء والخشبة. أي: تساويا. والثالث يأتي معدى بحرف الجر، فإن عُدي بعلى صار معناه العلو والاستقرار، وإن عدي بإلى فقد اختلف المفسرون فيه، فمنهم من يقول أنه بمعنى الارتفاع والعلو، ومنهم من يقول: إنه بمعنى القصد والإرادة. مثال المعدى بعلى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ وقوله بعد ذلك في سبعة مواضع في القرآن الكريم. ومثال المعدى بإلى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ ولذلك اختلف المفسرون في الاستواء، استوى هنا، فبعضهم قال: معناها على السماء. ومنهم من قال: معناها قصد وأراد. وعلى كلٍّ فاستواء الله على العرش من الصفات الثابتة التي يجب على المؤمن أن يؤمن بها، وهو أن الله تعالى استوى على عرشه؛ أي: علا عليه علواً خاصا ليس كعلو على سائر المخلوقات، بل هو علو خاص بالعرش كما قال تعالى: ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ﴾ ولكن هذا الاستواء ليس معلوماً لنا في كيفيته؛ لأنه لا يمكن الاحاطة بها، ولم يخبرنا الله عنها ولا رسوله. ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ كيف استوى؟ فأطرق برأسه حتى علاه العرق ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ونحن نعلم معنى الاستواء ونؤمن به ونقره، وهو أنه سبحانه وتعالى علا عرشه واستوى عليه علواً واستقراراً يليق به سبحانه وتعالى، ولكننا لا نعلم كيفية هذا الاستواء، فالواجب علينا أن نمسك عن الكيفية، وأن نؤمن بالمعنى. وأما قول من قال أن معنى استوى على العرش أي استولى عليه فهذا قول لا يصح، وهو مخالف لما كان عليه السلف ولما تدل عليه هذه الكلمة في اللغة العربية، فلا يعوض عليه، بل هو باطل، ولو كان معنى استوى استولى للزم أن يكون الله تعالى مستولياً على شيء؛ لأنه سبحانه وتعالى مستول على كل شيء، وللزم أن يكون العرش قبل هذا ليس ملكاً لله بل ملكاً لغيره ثم استولى عليه من غيره، وهذه معان باطلة لا تليق بالله سبحانه وتعالى.