ما هي نواقض الوضوء وهل ينتقض الوضوء بكشف العورة ؟ وهل غسل الجسد يجزىء عن الوضوء ؟
مدة الملف
حجم الملف :
9102 KB
عدد الزيارات 87618

السؤال:

وجزاكم الله خيراً. هذا المستمع م.ز.خ من العراق الموصل بعث بسؤالين يقول: ما هي نواقض الوضوء التي لو حصل للمتوضئ شيء منها بطل وضوءه. وهل كشف العورة من فوق الركبة من نواقض الوضوء؛ بمعنى لو انكشفت عورة إنسان فوق ركبتيه فهل يلزمه إعادة الوضوء؟ وهل الاستحمام للجسد كله يكفي عن الوضوء أم لا؟

الجواب:


الشيخ: هذا السؤال تضمن ثلاثة أسئلة في الواقع، ونذكرها على التفصيل. أولاً يقول: هل الاستحمام يكفي عن الوضوء؟ الاستحمام إن كان عن جنابة فإنه يكفي عن الوضوء لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا﴾ فإذا كان على الإنسان جنابة وانغمس في بركة أو في نهر أو ما أشبه ذلك ونوى في ذلك رفع الجنابة فإنه يرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر؛ لأن الله تعالى لم يوجب عند الجنابة سوى أن نطهر أو أن نعم جميع البدن بالماء غسلاً، وإن كان الأفضل للمغتسل عن الجنابة أن يتوضأ أولاً، حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام يغسل فرجه بعد أن يغسل كفيه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه، فإذا ظن أنه أروى بشرته أفاض عليه ثلاثة مرات، ثم يغسل باقي جسده. أما إذا كان الاستحمام للتنظف أو التبرد فإنه لا يكفي عن الوضوء؛ لأن ذلك ليس من العبادة، وإنما هو من الأمور العادية، وإن كان الشرع يأمر بالنظافة لكن النظافة لا على هذا الوجه، بل النظافة مطلقاً بأي شيء يحصل به التنظيف. على كل حال إذا كان الاستحمام للتبرد أو للنظافة فإنه لا يجزئ عن الوضوء. المسألة الثانية التي تضمنها السؤال كشف العورة، هل ينقض الوضوء؟ والجواب أنه لا ينقض الوضوء حتى لو نظر إليه أحد فإنه لا ينتقض وضوءه لا هو ولا الناظر، وإن كان عند العامة أو عند بعض العامة أن النظر إلى العورة ناقض للوضوء، أو أن كشفها ناقض للوضوء، فهذا لا أصل له. أما المسألة الثالثة فهي نواقض الوضوء. ونواقض الوضوء مما حصل فيه خلاف بين أهل العلم، لكن نذكر ما يكون ناقضاً بمقتضى الدليل. فمن نواقض الوضوء الخارج من السبيلين؛ أي: الخارج من القُبل أو الدبر. فكل ما خرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء، سواء كان بولاً أم غائطاً أم مذياً أم منياً أم ريحاً، كل شيء يخرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء، ولا تسأل عنه، لكن إذا كان منياً وخرج بشهوة فمن المعلوم أنه يوجب الغسل، وإذا كان مذياً فإنه يوجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء أيضاً. ومما ينقض الوضوء أيضاً النوم إذا كان كثيراً بحيث لا يشعر النائم لو أحدث، فأما إذا كان النوم يسيراً يشعر النائم بنفسه لو أحدث فإنه لا ينقض الوضوء، ولا فرق في ذلك بين أن يكون نائماً مضجعاً أو قاعداً معتمداً أو قاعداً غير معتمد، المهم حالة حضور قلبه، فإذا كانت بحيث لو أحدث أحس بنفسه فإن وضوءه لا ينتقض، وإذا كان في حال لو أحدث لم يحس بنفسه فإنه يجب عليه الوضوء؛ ذلك لأن النوم نفسه ليس بناقض، وإنما هو الحدث، فإذا كان الحدث منتفياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه فإنه لا ينتقض الوضوء. والدليل على أن النوم بنفسه ليس بناقض أن يسيره لا ينقض الوضوء، ولو كان ناقضاً لنقض يسيره وكثيره كما ينقض البول يسيره وكثيره. ومن نواقض الوضوء أيضاً أكل لحم الجزور؛ أي: الناقة أو الجمل، فإذا أكل الإنسان لحماً من لحم جزور الناقة أو الجمل فإنه ينتقض وضوءه سواء كان نيئاً أم مطبوخاً؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن سمرة أنه سئل عليه الصلاة والسلام: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت. قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. فكونه يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئته، وأنه لا بد منه. وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً كان أم مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكل الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم، وكل شيء داخل في حكم اللحم فإنه ينقض الوضوء، وجميع أجزاء البعير ناقض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفصل، وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي عليه الصلاة والسلام يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم. ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه، فهو -أعني الحيوان- إما حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وإما أن يكون بعضه لو حكم فهذا لا يعرف في الشريعة الإسلامية وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾. ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير محرم مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم فقال: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾. ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن الشحم -أي شحم الخنزير- محرم. وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم ويدخل فيه الأمعاء والكرش، ولأن الوضوء من هذه الأجزاء أحوط وأبرأ للذمة فإن الإنسان لو أكل من هذه الأجزاء -من الكبد أو الأمعاء أو الكرش- لو توضأ وصلى فصلاته صحيحة، لكن لو لم يتوضأ وصلى فصلاته باطلة عند كثير من أهل العلم. وعلى هذا فيكون أحوط، وما كان أحوط فإنه أولى؛ لأنه أبرأ للذمة. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

السؤال:

بارك الله فيكم. بالنسبة للاستحمام ذكرتم أنه إذا كان عن جنابة فإنه لا يلزمه إعادة الوضوء بعده، لكن إذا لم يكن الاستحمام عن طريق غمس الجسد كله في ماء يعمه بل كان مثلاً بالوسائل الموجودة حالياً أو بإناء صغير يغترف منه أو بنحو ذلك بمعنى أنه يتعرض إلى لمس فرجيه بيديه هل يؤثر هذا أم لا؟

الجواب:


الشيخ: غسل الفرج يكون قبل الاغتسال، المهم أن يكون غسل الفرج قبل الاغتسال كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعله. وحتى لو فرض أن الإنسان في أثناء الغسل مس ذكره فإنه لا ينتقض وضوءه على القول الراجح عندنا؛ لأنه ليس بقصد منه. ثم إن الأحاديث في ذلك متعارضة، فمن العلماء من جمع بينهما، ومنهم من رجح بعضها على بعض. ولو أننا نرى في هذه المسألة أن مس الذكر لا ينقض الوضوء إلا إذا كان لشهوة، فإن كان بغير شهوة فالوضوء منه على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب. هذا الذي نراه في هذه المسألة، ويرى بعض أهل العلم أنه لا ينقض مطلقاً، ويرى آخرون أنه ينقض مطلقاً.