حقوق الطريق
مدة الملف
حجم الملف :
1456 KB
عدد الزيارات 2002

السؤال:

بارك الله فيكم. هذه الرسالة من المستمع ح.هـ. ن. من العراق التأمين يقول: لي بعض الأصدقاء الذين كثيراً ما أجلس معهم وأقضي بعض الوقت معهم، فيحدث أحياناً منهم بعض المخالفات الدينية في الطريق، فأذكرهم بحقوق الطريق التي يجب الالتزام بها لمن جلس فيها ولكنهم يكابرون ويقولون أنها واجبة على من جلس في الطريق لا على من مشى فيها، فما رأيكم في هذا؟ وما هو الحديث الذي يتحدث عن هذا المعنى؟

الجواب:


الشيخ: رأينا في هذا أن ما ذكروه من أن هذه الحقوق إنما جاءت فيمن يجلس على الطريق لا فيمن يمر به هو صحيح، جاءت فيمن يجلس على الطريق حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: إياكم والجلوس في الطرقات. قالوا: يا رسول الله، هذه مجالسنا ما لنا منها بد، نتحدث فيها. قال: فإن أبيتم فأعطوا الطريق حقه. قالوا: وما حقه يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وهذه الحقوق الخمسة وإن كانت جاءت في الحديث فيمن جلس في الطريق فإنها واجبة حتى على من مر بالطريق؛ فإن غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل أحد. كل أحد واجب عليه أن يكف أذاه، وأن يغض بصره عما لا يجوز النظر إليه، وأن يرد السلام، وأن يأمر بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر. فهؤلاء الأصحاب إن امتثلوا لما نهيتهم عنه وتركوه فهذا خير لك ولهم وتستمر على صحبتهم إذا كانوا يأمرون بالمعروف وينتهون عن المنكر، وأما إذا أصروا على ما هم عليه ولم يقلعوا عما حرم الله عليهم من هذه الأشياء وأمثالها وما هو أعظم منها فإنه لا يجوز لك أن تصاحبهم؛ لأن مصاحب فاعل السوء له حكم فاعله لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾. وبهذه المناسبة أود أن أذكر ما يفهمه بعض الناس من قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. حيث إن بعض الناس فهم من هذا الحديث أن من جلس مع من يفعل المنكر وهو كاره لهذا المنكر بقلبه فإنه قد سلم منه. وهذا فهم خاطئ؛ لأن من كره بقلبه لا يمكن أن يبقى في مكان أو في حال يكرهها، لو صدق لفارقهم. فمفارقة الإنسان لفاعل المنكر هو الإنكار بالقلب؛ لأنه علامته، أما أن تجلس معهم وتقول أنا أكره ما يفعلون فهذا يخالفه الواقع، فلا يمكن الإنكار بالقلب إلا بمفارقة مكان المعصية ومن يمارس هذه المعصية.