من وصل إلى بلد وقت صلاة العشاء ولم يكن قد صلى المغرب فهل له تأخير الجمع إلى آخر وقت العشاء ؟
مدة الملف
حجم الملف :
1761 KB
عدد الزيارات 1355

السؤال:

السؤال الثاني يقول: إذا وصل إلى المدينة التي يريدها مثلاً في وقت صلاة العشاء ولم يكن صلى المغرب في وقتها، بل أخرها إلى وقت العشاء، فهل يلزمه أن يصليهما في أول وقت العشاء نظراً لطول وقته أم لا بأس بتأخيرها ولو إلى آخر وقت العشاء؟ ثم بالنسبة لصلاة العشاء هل يصليها قصراً مع الجمع أم يتمها مع الجمع إذا كانت إقامته طويلة؟

الجواب:


الشيخ: ما دامت البلد التي وصل إليها ليست بلدهم وإنما هي بلد آخر سافر إليه ليقضي حاجة منه ثم يرجع إلى بلده فإنه إذا وصل إلى البلد في وقت المغرب يؤخرها فيصليها مع العشاء جمعاً، فيقصر العشاء إلى ركعتين لأنه مسافر، وإن وصل إلى البلد الذي يريده ما دام من نيته أن يرجع إلى بلده إذا انتهت حاجته. ولكن الذي نرى أنه إذا كان في بلد تقام فيه الجماعة ويسمع فيه الأذان فإنه وجب عليه أن يذهب إلى المسجد ويصلي مع الناس، وحينئذٍ لا بد له من الإتمام؛ لأنه ائتم بمن يتم وهو مسافر، فإنه يجب عليه الإتمام تبعاً لإمامه لقوله صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. ولأن ابن عباس سئل عن هذا فقال: تلك هي السنة. أي: الإتمام، إتمام المسافر خلف من يصلي أربعاً.
السؤال: هل نحدد مدة الإقامة بأيام معينة؟

الشيخ: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم يبلغ منه نحو عشرة أقوال، وأصح الأقوال فيها عندي ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أنه لا تحديد للمدة التي ينقطع بها حكم السفر ما دام هذا الرجل عازماً على أنه متى انتهى شغله رجع إلى بلده فهو مسافر لم يتخذها وطناً ولا مقراً. هذا هو الذي نراه في هذه المسألة. وقد تأملت كثيراً ما استدل به المحددون فلم أر فيه ما يدل على التحديد، وإنما هي مدة وقعت اتفاقاً لا قصداً، وما وقع اتفاقاً فإنه لا يعتبر تشريعاً. مثال ذلك أن الذين حددوها بأربعة أيام استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة عام حجة الوداع، وبقي أربعة أيام، وخرج في اليوم الثاني إلى منى، وكان يقصر الصلاة في هذه المدة حتى رجع إلى المدينة كما ذكره أنس بن مالك رضي الله عنه. قالوا: فهذا دليل على أن المدة التي لا ينقطع بها حكم السفر أربعة أيام فقط. وإن من المعلوم لكل متأمل أن هذه المدة وقعت اتفاقاً، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لو قدم في اليوم الثالث؛ أي: قبل خروجه إلى منى بخمسة أيام لقصر، ولو لم يكن هذا هو الحكم لكان الرسول عليه الصلاة والسلام يبين لأمته؛ لأنه يعلم أن من الحجاج من يقدم في اليوم الثالث وفي اليوم الثاني، ومنهم من يقدم قبل دخول شهر ذي الحجة، فلو كان الحكم يختلف بين من قدم في اليوم الرابع ومن قدم في اليوم الثالث لكان الرسول عليه الصلاة والسلام يبينه لأمته؛ لأن الله تعالى أوجب عليه البلاغ فقال: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ﴾ وقال تعالى: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾. فالحاصل أن هذا مثال لمن حددوا، وهو كما رأيت لا يدل على التحديد. كذلك أيضاً من أهل العلم من حدها بخمسة عشر يوماً في مذهب أبي حنيفة، ومنهم من حدها بستة عشر يوماً كما ذكر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، ولكن الراجح عندي ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وأنه لا تحديد لمدة الإقامة التي ينقطع بها حكم السفر ما دام الرجل عازماً على الرجوع إلى بلده وأنه قد اتخذ هذا البلد لمجرد قضاء الحاجة فقط.