تخصيص بعض الورثة دون بعض
مدة الملف
حجم الملف :
1476 KB
عدد الزيارات 998

السؤال:

بارك الله فيكم. هذه رسالة بعثت بها الأخت ف. ن. ت. من حائل تقول أنها واحدةٌ من عدد ثماني بنات وثمانية أولاد من زوجتين لوالدهم المتوفى قبل ثماني سنوات تقريباً، منهم ستة أولاد وأربع بنات من زوجة أبيها، وولدان وأربع بنات من والدتها. تقول: المشكلة تتلخص في الآتي: بعد وفاة والدنا ترك لنا مزرعة في مدينة حائل، اتفقنا على بيعها نحن الورثة، وفعلاً قمنا ببيعها وتقاسمنا، وأخذ كلٌ منا ما يخصه من الإرث حسب الشريعة الإسلامية السمحاء، ولكنه ترك أيضاً مسكناً عبارةً عن فيلا من دورين بمدينة الرياض اشتراها قبل وفاته بعدة أشهر بمبلغٍ يساوي قيمة المزرعة التي قمنا ببيعها بعد وفاته، وقد كتب ورقةً بحيث تكون الفيلا وقفاً بيد أخي الأكبر ويد أخي من الزوجة الثانية، ولهما حرية التصرف بها بعد أخذ قيمة الضحايا منها وصدقةٍ وغيرها، والتي لا تكلف إلا مبلغاً يسيراً، وقد كتب أيضاً في حالة احتياج أحدٍ من أولاده لهذه الفيلا فلا يحرم منها، ولكن للأسف الآن لها ما يقارب ثماني سنوات وهي تؤجر بمبلغ ثمانين ألف ريال، وكل واحدٍ منهما يأخذ سنوياً أربعين ألفاً، ولا نرى منها شيئاً أبداً نحن بقية الأولاد والبنات، ولا يقومون بالصدقة ما عدا قيامهما كل سنة بالأضحية بعدد أربعة ضحايا فقط، وقد طلبنا منهما إعطاءنا من تلك الأجرة أو بيعها وتقسيم قيمتها على الجميع وبعد أخذ الثلث منها لعمل شيء خيريٍ له في الدنيا والآخرة ولكنهما امتنعا وقالا: ليس لكم أي شيء في هذه الفيلا. وجعلاها كأنها موهوبةً لهما من والدنا، فهل يجوز لهما هذا التصرف؟ وما هي الطريقة السليمة والمثلى لمثل هذا مع العلم أن البنات متزوجات؟

الجواب:


الشيخ: هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه بعينه؛ لأن كل مسألةٍ يكون فيها حكومة؛ أي خصومة بين طرفين فإن هذا المنبر ليس منبر حلٍ لمشكلتهم؛ لأن مشكلتهم تحل عن طريق القضاء؛ المحاكم الشرعية، ولكن نحن نقول بصفةٍ عامة: إنه لا يجوز للإنسان أن يوقف شيئاً من ماله على بعض أولاده؛ لأن هذا من الجور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. فلا يجوز مثلاً أن يقول: هذا وقف على ابني فلان وفلان، أو بنتي فلانة. وما أشبه ذلك؛ لأن هذا تخصيصٌ لبعض أولاده بهذا الوقف، وهو محرمٌ عليه سواء كان ذلك بعد وفاته أو كان ذلك في حياته. وأما ما يقفه الإنسان فإن كان وصية بحيث أوصى بوقفه بعد موته فإنه يعتبر من الثلث بمعنى أنه إن زاد على ثلث ما خلف فإنه لا ينفذ ما زاد عن الثلث إلا بإجازة الورثة المرشدين، وأما إذا وقفه في حياته فهو صحيحٌ، فإنه لا بأس أن يكون كله وقفاً ولا خيار للورثة فيه، إلا أنه كما قلت لا يجوز أن يخص به بعض أولاده دون البعض. وهذا المسألة -أعني مسألة تخصيص الأولاد- من الأمور التي يتهاون بها بعض الناس مع أنها من الجور والإثم العظيم، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل، فكما أنه يحب أن يكونوا له في البر سواء فيجب أن يكونوا أيضاً في بره هو سواءً.