يرفضون إقامة الجمعة بحجة أن عددهم أقل من الأربعين
مدة الملف
حجم الملف :
1952 KB
عدد الزيارات 3590

السؤال:

هذه رسالة من السائل علي محمد حسن المعافى من الجمعية العربية اليمينة يقول: أنا أسكن في قريةٍ يبلغ سكانها من الرجال واحداً وعشرين رجلاً بالغين عقلاء مقيمين بها، ولكنهم لا يقيمون صلاة الجمعة، وقد حاولت فيهم أن نصلي الجمعة وأنا مستعدٌ للخطبة بهم والصلاة بهم فأنا أقرؤهم لكتاب الله ولكنهم يرفضون ذلك بحجة أن صلاة الجمعة يلزم لوجوبها أربعون من أهلها، فما الحكم في مثل هذه الحالة؟ هل هم على حقٍ أم أنا وعليهم طاعتي في هذا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. الجواب عن هذا السؤال ينبني على اختلاف أقوال أهل العلم؛ وذلك أن العلماء اختلفوا رحمهم الله هل يشترط للجمعة عددٌ معينٌ بأربعين أو لا يشترط أن يكون معيناً بالأربعين؟ فمن أهل العلم من يقول: إن الجمعة لا تصح حتى يوجد أربعون من أهل وجوبها مستوطنون بالمكان الذي تقام فيه. وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله. ومنهم من يقول: تجب إقامة الجمعة إذا وجد في المكان اثنا عشر رجلاً مستوطناً فيه. ومنهم من يقول: تجب إقامة الجمعة إذا وجد ثلاثةٌ فأكثر مستوطنون في هذا المكان. والقول الراجح أن الجمعة تقام إذا وجد في القرية ثلاثةٌ فأكثر مستوطنون؛ لأن الأدلة التي استدل بها من يشترطون اثني عشر أو أربعين ليست واضحة في الاستدلال، والأصل وجوب الجمعة، فلا يعدل عنه إلا بدليلٍ بيِّن؛ ذلك أن الذين استدلوا أنه لا بد من اثني عشر رجلاً استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس يوم الجمعة فقدمت عيرٌ من الشام فانصرف الناس إليها وانفضوا، ولم يبقَ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً. والذين استدلوا على اشتراط الأربعين استدلوا بأن أول جمعة جمعت في المدينة كان عدد المقيمين لها أربعين رجلاً. ومن المعلوم أن العدد في الأول والعدد في الثاني إنما كان اتفاقاً؛ بمعنى أنه أقيمت الجمعة، فكان الاتفاق أي الذي وافق العدد أربعين رجلاً، وكذلك الذين انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان الاتفاق أن بقي منهم اثنا عشر رجلاً، ومثل هذا لا يمكن أن يستدل به على أنه شرط؛ إذ من الممكن أن يقال لو أقيمت الجمعة وكانوا أقل من أربعين فليس عندنا دليلٌ على أنها لا تصح، ولو أنهم انفضوا ولم يبقَ إلا عشرة فليس عندنا دليل على أنها -أي الجمعة- لا تصح، كما أنه لو بقي أكثر من اثني عشر أو كانوا عند إقامة الجمعة أكثر من أربعين لم يمكننا أن نقول إنه يشترط أن يزيدوا عن اثني عشر أو يزيدوا عن أربعين، وعلى هذا فنرجع إلى أقل جمعٍ ممكن وهو بالنسبة للجمعة ثلاثة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله﴾ ومعلومٌ أن المنادي ينادي بحضور الخطيب، فيقوم المنادي والخطيب والمأمور بالسعي إلى الجمعة، وأقل ما يمكن في ذلك ثلاثة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح. فإذا وجد في قريةٍ جماعة مستوطنون يبلغون ثلاثة رجال فإن الجمعة واجبة عليهم. أما قضيتكم المعينة في هذه القرية التي في اليمن فالذي أرى أن تراجع فيها المسئولين عن شئون المساجد لدى الجمهورية ثم تمشوا على ما يوجهونكم إليه.