واجب الحاكم المسلم تجاه المسلم والكتابي
مدة الملف
حجم الملف :
1678 KB
عدد الزيارات 1234

السؤال:

من جمهورية مصر العربية وردتنا هذه الرسالة من كمال محمد العطار مدينة قنا يقول فيها: هل يجوز للحاكم المسلم أن يسوي بين المسلم والكتابي يهودياً كان أو نصرانياً دون أن يأخذ منهم الجزية؟ وكيف تكون معاملتنا معهم؟

الجواب:


الشيخ: الواجب على الحاكم المسلم أن يعدل بين المسلم والذمي، والعدل إعطاء كلٍ منهما ما يستحق، فالمسلم له حقوق والكافر له حقوق، والكافر أيضاً حقوقه تختلف؛ فالذمي له حقوق، والمعاهد له حقوق، والمستأمن له حقوق، والحربي ليس له حقوق. والحاصل أنه يجب على الحاكم المسلم أن يعدل بين المسلمين وغير المسلمين فيما يجب من حقوقهم. وأما بالنسبة للحاكم إن أراد به الحاكم القاضي فإنه يجب عليه أن يعدل أيضاً بينهم، بحيث لا يفضل المسلم على الكافر في دخوله عليه مثلاً أو في جلوسه معه أو في تلقينه الحجة أو ما أشبه ذلك، بل يجب عليه العدل في ذلك كله، وقد أمر الله تبارك وتعالى بالعدل وأخبر عنه أنه من خصال المؤمنين ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾.

 السؤال:

أيضاً سؤاله الثاني يقول: الصوفية في زعمهم أن الأولياء تنكشف عنهم الحجب ويتلقون علماً مباشراً من الله يسمونه العلم اللدني، وعندما عارضناهم استشهدوا بما رآه عمر بن الخطاب وهو على المنبر من بعض سراياه وهو في ميدان القتال وأمرهم بالاحتماء بالجبل الذي كان خلفهم، وأن العلم الإلهي الذي يأتيهم هو مما يختص الله به بعض عباده.

الجواب:


الشيخ: نقول: كل إنسانٍ يدعي علم الغيب فإنه كافر، وكل إنسان يصدقه في ذلك فإنه كافر؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون﴾ وغيب الله تبارك وتعالى لم يطلع عليه أحداً إلا من ارتضى من رسول كما قال الله تعالى: ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول﴾. وهؤلاء الأولياء -كما يزعم- ليسوا برسل وليسوا أيضاً بأولياء إلى الله ما داموا يدعون ما يكون فيه تكذيبٌ للقرآن؛ لأن ولي الله هو من جمع الوصفين الذين ذكرهما الله في قوله: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ فهؤلاء الذين يسمونهم أولياء إذا ادعوا علم الغيب فليسوا بأولياء، بل هم أعداءٌ لله؛ لأنهم مكذبون له ولما ثبت من شريعة رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم. وأما احتجاجهم بما أكرم الله به أمير المؤمنين رضي الله عنه فهذه ليست من أمور الغيب؛ لأن هذا أمرٌ محسوس مشاهد لكنه بعيدٌ عن مكان عمر، فكشفه الله له، فليس هذا من باب علم الغيب، لكنه من باب الأمور التي يطلع الله عليها من شاء، وهي أمورٌ واقعة. ثم إن أمير المؤمنين رضي الله عنه لا شك أنه من أولياء الله لاجتماع الوصفين فيه؛ الإيمان والتقوى، لكن هؤلاء الأولياء الذين يدعون الولاية وهم منها براء هؤلاء لا يصدقون. ثم إن قُدِّرَ أنهم أخبروا بخبر ووقع الخبر كما أخبروا به فإنما هم من إخوان الكهان إن لم يكونوا كهاناً تنزل عليهم الشياطين فيخبرونهم بالخبر ويكذبون معه أشياء من الكذبات.