السؤال:
هذه الرسالة وردتنا من مبارك فهيد محمد غرسان البيشي من بيشة من الجوازات، يعرض مشاكل اجتماعية، يقول: لدينا في بيشة عادة، وهذه العادة هي إقامة أهل البلد في بيت الميت إذا مات، يجتمع أهل البلد كلهم في بيت الميت إذا مات ينتظرون قدوم الناس الذين يردون سنة العزاء، ويذبحون الغنم، وتقام العزائم بواسطة الطلاق وغير ذلك، علماً بأن الناس القادمين قريبون من البلد.
الشيخ: بوسطة أيش؟
السؤال: الطلاق؛ يعني: عليَّ الطلاق أن تفعل كذا. ويقول: القادمون قريبون من البلد التي فيها الميت، ووسائل النقل متوفرة، وليس هناك عذر للإقامة، حتى إن البعض يحسب حساب الأكل ويأتي في وقتٍ مبكر بعد الذبيحة في بيت الميت ليلاً ونهاراً، ولكن ليست من حقه، بل من حق الجماعة، ماذا ترون حيال ذلك جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
الشيخ: نرى حيال هذا أن ذلك من الأمر المنكر لما فيه من إضاعة المال ومن الاجتماع الذي ينافي في الحقيقة حالة الموت وحالة الحزن؛ لأنه بين أمرين؛ إما أن يحصل نياحة وندب وأحزانٌ متوالية، فهذا خلاف الشرع، وليس هذا من العزاء في شيء؛ لأن العزاء معناه تعزية الإنسان؛ أي: تصبيره وإعانته على الصبر على ما أصابه من هذه المصيبة، وليس المراد بالتعزية تهييج الأحزان عليه بالنياحة والندب وشبهها. وإما أن يكون هذا الاجتماع اجتماع فرحٍ ولهوٍ ومعاطرة وضحك ونحو ذلك، فهذا أيضاً ينافي حال الموت وما ينبغي أن يكون الإنسان عليه في مثل هذه الحال. فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، والدين وسط. ومما يحصل من مضار في هذا الاجتماع إضاعة الأموال الكثيرة فيه، فإنه كما ذكر السائل يقول: كل ذبيحةٍ وراء ذبيحة. وكذلك أيضاً ما يحصل من هذه الإرغامات على الأكل، حتى إنه كما ذكرت يحلف بالطلاق ليأكلن، وهذا أيضاً من العمل الذي لا ينبغي، فالحلف يجب أن يكون بالله عز وجل، «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت». ولا ينبغي للإنسان أن يأتي بصيغةٍ أخرى تدل على الحلف غير اليمين بالله عز وجل إذا دعت الحاجة إليه. المهم أن هذا أمرٌ منكر، وأن الواجب على أهل الميت الصبر والاحتساب، وأن يتعزوا بما أمرهم الله به ﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون﴾. أقول: أن يتعزوا بما أثنى الله على فاعله. قد يقول قائل: إن الله ما أمر بهذا القول. نقول: إن الثناء على الفاعل أو القائل يدل على أن هذا الفعل أو القول أمرٌ مطلوب، وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن «من أصيب بمصيبة ثم قال: اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها. آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها». فهذه حال المصاب، ينبغي أن يستعمل ما دلت الشريعة على استعماله من قولٍ أو فعل، أما الاجتماع المذكور فإنه حرام لما يفضي إليه من هذه المفاسد.