حكم تأخير الصلاة على الميت
مدة الملف
حجم الملف :
2002 KB
عدد الزيارات 1864

السؤال:

حينما يموت الإنسان -مثلاً- بعد المغرب أو قبل المغرب ولم يتمكنوا من الصلاة عليه في العشاء، فإنه يحدث من ذلك تأخير الصلاة عليه، ثم جعلوا هذا عادة لأن وسائل الحفظ موجودة والثلاجات والمواصلات متوفرة وننتظر الناس يجتمعون، بعضهم يؤخرها إلى عصر الغد، وبعضهم يقول: يصعب أن أصلي الفجر، هل ترى أن تؤدى الصلاة مثلاً ولو بعد العشاء أو كذا؟

الجواب:

إنني أسأل هؤلاء البسطاء لو أن أحداً جنى على ميتهم أيمكنونه من هذا؟ لا يمكنونه. تأخير الميت جناية على الميت؛ لأنه معصية للرسول -عليه الصلاة والسلام- حيث قال: «أسرعوا بالجنازة» والعلماء قالوا: يسرع في تجهيزه إلا أن يموت فجأة ويشك في موته فينتظر حتى يتيقن، وإلا فيسرع في تجهيزه، فتأخير ذلك معصية للرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذه من جهة، ومن جهة أخرى: جناية على الميت.

الميت إذا كان صالحاً ماذا تقول نفسه: «قدموني قدموني» لأنه شاهد عند الموت النعيم الذي سيئول إليه وبشر بالجنة، كيف تأخره؟ أرأيت لو كان هناك مائدة من أحسن الموائد بينك وبينها خمسمائة متر، ويوجد شخص مشتاق لها من أقاربك، وحجزته عنها وقلت له: انتظر، أتكون ضغطت عليه أم لا؟ ضغطت عليه لا شك في ذلك ومنعته ما هو أسر له، فيكون في هذا جناية على الميت ومعصية للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ومخالفة لهدي السلف الصالح.

فالسلف الصالح يسرعون بالجنازة حتى في السير بها إلى المقبرة، يسرعون إسراعاً عظيماً حتى تكاد نعالهم تتقطع من الإسراع، فلماذا نؤخر الميت المسكين، وهو قد بشر عند قبض روحه بروح وريحان ورب غير غضبان؛ لماذا نهينه؟ قالوا: من أجل أن يأتي أخوة من لندن، من أمريكا، من كذا من كذا! نقول: الحمد لله، إذا جاء يصلي على قبره، الباب مفتوح ودعوا الميت يتنعم بالنعيم مبكراً.

فأقول: إن هذا معصية للرسول -عليه الصلاة والسلام-، وجناية على الميت وغلط عظيم وسفه، وما الفائدة من أن يقيم بين أظهرهم، وفي حديث لكنه ضعيف «لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» وكلمة (لا ينبغي) معناها المنع، وهذا محبوس من أجل أن يحضر أخوه أو ابن عمه أو أبوه أو ابنه، هل هذا حفل عرس حتى ينتظر قدوم الغائب.

فهذا أكبر غلط وما علمناه إلا متأخراً، كان الناس في الأول يموت الإنسان قبل الصلاة بساعة واحدة ويؤتى بالغاسل والكفن ويجهز في نصف ساعة أو ساعة إلا ربع وجيء به إلى المسجد، يقولون: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تأخر دفنه، مات يوم الإثنين ودفن ليلة الأربعاء، بقي الثلاثاء كاملاً وبقية يوم الإثنين، نقول: نعم هذا صحيح، لكن الصحابة أخروا دفنه؛ لسبب لا يوجد في غيره وهو أنهم قالوا: لا يمكن أن يدفن الإمام وهو ولي الأمر قبل أن يخلفه خليفة، ولو دفن قبل أن يخلف خليفة لكان نزاع وشقاق، لكن إبقاؤه حتى يقوم الخليفة بعده متعين، وأنتم تعلمون المسألة ليست هينة، في موت الرسول -عليه الصلاة والسلام-، اجتمع المهاجرون والأنصار في السقيفة، وحصل ما حصل حتى استقر الأمر والحمد لله بالإجماع على أن أبا بكر هو الخليفة، فتأخير دفن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لحاجة ضرورية، ولا يقاس عليه غيره، نعم لو فرض أن التأخير يسير ساعات قلائل من أجل كثرة الجمع، كما لو فرض أن الناس في صلاة الظهر لا يكثرون لأن كل واحدٍ في وظيفته، وفي صلاة العصر يكثرون هذه ربما يتسامح فيها، أما أن يبقى يوماً أو يومين أو ثلاثة فهذا غلط.