هل ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه صام عشر ذي الحجة؟
مدة الملف
حجم الملف :
1297 KB
عدد الزيارات 1213

السؤال:

هل ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه صام عشر ذي الحجة؟

الجواب:

أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» بلغك؟

السائل:

نعم.

الشيخ:

هل الصيام من العمل الصالح؟ نعم، ما الذي أخرجه من هذا العموم؟ هل قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إلا الصيام فلا تصوموا؟

السائل:

لا.

الشيخ:

إذاً ما الذي أخرجه من العموم! حديث عائشة : (ما رأيته صائماً قط) هي ما رأت لكن غيرها رآه، ففي حديثٍ آخر لإحدى أمهات المؤمنين تقول: "إن الرسول كان لا يدع صيامها" قال الإمام أحمد : والمثبت مقدم على النافي، ثم لو فرض أنه ما وجد ما يثبت أن الرسول عليه الصلاة والسلام صامه، فتدخل في العموم «ما من أيامٍ العمل الصالح» وإذا قدرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صامها فهذه قضية عين قد يكون الرسول ما صامها لاشتغاله بما هو أهم.

وهنا قاعدة يجب أن نعمل بها: إذا جاءت النصوص اللفظية عامة فلا تسأل: هل عمل بها الصحابة أم لا؟ لأن الأصل أنهم عملوا بها، وعدم العلم بعملهم ليس علماً بعدم عملهم، فالأصل أنهم عملوا به.

ثم لو فرض -وهو فرضٌ محال- أنهم لم يعملوا بها، فهل نحن نُسأل عن عمل الصحابة، أو عن قول الرسول يوم القيامة؟ عن قول الرسول، كما قال عز وجل: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص:65] هل يمكن لأي إنسان أن يجد حجة إذا سئل يوم القيامة عن قول من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام عامة؟ هل يمكن أن يقول: يا رب لم يعمل بها الصحابة، أو لا أدري هل عملوا بها أم لا؟ لا يمكن أن تكون هذه حجة.

لذلك نحن نأسف في بعض الناس الذين شككوا المسلمين في هذه القضية، وقالوا: إن صيامها ليس بسنة، سبحان الله! أنا أخشى أن يعاقبهم الله عز وجل يوم القيامة، كيف يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» وندع العمل الصالح الذي قال الله تعالى: « إنه لي وأنا أجزي به» سبحان الله! لذلك يجب أن نرد هذه الدعوة على أعقابها فتنقلب خاسئة، ونقول لهذا الرجل نفس هذه الأسئلة التي وجهت إليك:  هل الصوم من العمل الصالح أم لا؟ هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عنه أم لا؟ سيقول: لا. وإن قال: نعم. نقول: هات الدليل. سيقول: إنها من العمل الصالح في الصوم، وسيقول: لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عنها، فنقول: إذاً يجب أن نعمل بها.

وهذه في الحقيقة مصيبة أن يكون الناس قد عملوا على عملٍ ليس فيه إثم بل فيه أجر، ثم يذهب بعض الناس يخالف ليذكر، فيأتي بما يخالف العادة التي هي أقرب للحق مما قال، وهذه مشكلة.