مشروعية الإتيان بخطبة الحاجة في عقد النكاح
مدة الملف
حجم الملف :
1589 KB
عدد الزيارات 4489

السؤال:

ذكرتم خطبة الحاجة، ونحن نسمع أن الذين يعقدون النكاح للناس يبدءون بها، فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرأ عند عقد النكاح؟ وما السر في هذا؟

الجواب:

لا شك أن من أعظم الحوائج حاجة النكاح، فإن حاجة الإنسان إلى النكاح قد تكون مثل حاجته إلى الطعام والشراب، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له أولاد يحتاجون للنكاح وهو غني يجب أن يزوجهم، كما يجب أن يقيتهم بالطعام والشراب، واللباس، والمسكن يجب أن يزوجهم، فإن لم يفعل وقدروا على أخذ شيء من ماله ولو خفية ليتزوجوا به فلهم ذلك، كما أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهند بنت عتبة حين شكت إليه زوجها الذي لا يعطيها ما يكفيها وولدها، قال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» فإذا كان النكاح من أعظم حوائج الإنسان فإنه يسن أن تتقدم هذه الخطبة عند عقد النكاح.

ولكن ليست شرطاً، فلو أن رجلاً أراد أن يزوج ابنته وأتى بشاهدين، وقال للخاطب: زوجتك بنتي فلانة قال: قبلت بدون خطبة، أيجوز هذا أم لا؟ يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدون أن تتقدم الخطبة.

أتعرفون قصة الواهبة؟ امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت: يا رسول الله! وهبت نفسي لك -هبة، مجاناً- فصعَّد فيها النظر وصوَّب ولكنه لم يردها، إلا أنه لحسن خلقه لم يقل: لا أريدك، سكت، فقام رجل من الناس قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها -وهذا من كمال الأدب في الصحابة، لم يقل مباشرة: زوجنيها قال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها- قال: «ما تصدقها؟» المرأة لا تحل إلا بصداق؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء:24]قال: «ما تصدقها؟» قال: يا رسول الله، أصدقها إزاري -ليس عنده إلا إزار، ما عنده رداء- قال: «إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار» وإن بقي عليك بقيت بدون صداق -لا يصلح- التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب الرجل فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال: «هل معك شيء من القرآن؟» قال: نعم معي سورة كذا وكذا، قال: «زوجتكها بما معك من القرآن». أي: فعلمها ما معك من القرآن، فتزوجها الرجل.

إذاً الخطبة التي سمعتم تقال عند عقد النكاح على وجه الاستحباب، فلو لم تخطب وقال: زوجتك ابنتي قال: قبلت. انتهى وصح العقد.