كيفية جعل المكتبات مفيدة
مدة الملف
حجم الملف :
2040 KB
عدد الزيارات 1832

السؤال:

بارك الله فيكم، ونفع بكم المسلمين، هذا أولاً، وثانياً: حفظكم الله، تعلمون أنه دندن كثيرٌ من الناس حول المكتبات الخيرية، وهم لا يعلمون ما دورها أو ما نتاجها، وقد يخفى عليهم هذا الأمر، فلذلك نحن إخوانكم من مدينة حائل ننقل لكم تحيات الإخوة هناك وسلامهم لكم جميعاً؟
 

الشيخ:

عليك وعليهم السلام، وأبلغهم سلامنا.
 

السائل:

إن شاء الله تعالى، إخوانكم في مكتبة محمد بن عبد الوهاب الخيرية في مدينة حائل لما رأينا أن هناك أخطاء في المكاتب، فحرص إخوانكم في المكتبات هناك في مدينة حائل بالتعاون مع بعض طلاب العلم على تصحيح الأوضاع بدلاً من هدم هذا الكيان أو تحطيمه، إصلاح ما فيه من أخطاء وتعديل ما فيه من ملاحظات، ولكن ما زال هناك أناسٌ يحاولون هدم هذه المكاتب وتشويش أذهان كثيرٍ من الشباب وقد يدخلون مداخل أخرى كأن يصلون إلى العامة وإلى أولياء أمورهم وغيرهم، وهم الذين يقولون: يريدون -مثلاً- تغيير النظام أو أنهم يريدون تحريف عقول الشباب أو يريدون, أشياءً كثيرة ما تقال لا يخفى عليكم حفظكم الله هذا الشيء، فنرغب منكم أولاً توجيه النصح لهؤلاء؛ لأن بعضهم قال: استفتوا الشيخ بهذا الأمر وكأنه لا يسمع أو لا يقرأ، توجيهكم لهم وتوجيهكم لنا أيضاً بما ينفعنا وينفعهم إن شاء الله تعالى؟

الجواب:

هذا سؤال مهم، والواقع أن المكتبات نفعها أو ضررها يعتمد على شيئين:

الشيء الأول: الكتب الموضوعة فيها، ما هذه الكتب؟ هل هي كتب سلفية مبنية في العقيدة على مذهب أهل السنة والجماعة ، أو كتبٌ فكرية منحرفة؟ إن كانت الأولى فنعم المكتبات، وإن كانت الثانية فلابد من التصحيح.

الثاني: القائمون على هذه المكاتب من هم؟ ما منهجهم؟ ما عبادتهم؟ ما أخلاقهم؟ لابد أيضاً أن يكون القائمون عليها ممن يوثق بهم علماً وديناً وخلقاً ومنهجاً؛ لأن هذه المكتبات مأوى الشباب، والشاب كالعجينة بيد العاجن يتكيف حسب ما يكيف، فإذا يسر له أهل الخير يدلونه على الحق ويرشدونه لما فيه مصلحته دنيا وأخرى، نفع الله بهذه المكتبات، وصارت في الحقيقة نواة خيرٍ للشباب، وإن كانت الأخرى يعني: إن كان القائمون عليها ذوي انحراف لاتجاه غير سليم، فهنا يكون الضرر، فإما أن يغير القائمون عليها وإما أن تغلق؛ لأن الدين الإسلامي مبني على تحصيل المصالح إما الخالصة أو الراجحة، وعلى درء المفاسد إما الخالصة وإما الراجحة، وإذا كان في الشيء مصلحة ومفسدة قدم الراجح منهما، كما قال تعالى: ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة:219] ولهذا حرمت، وإن كانت المصلحة أكبر أخذ به، واندرجت المفسدة في ضمن المصلحة، وهذا كما ينطبق على الأعمال ينطبق على العامل أيضاً، هل كل عاملٍ من أهل الخير عمله كله خيرٌ محض؟ لا. فيه خير وشر، لكن من الناس من خيره أكثر، ومن الناس من شره أكثر، ولهذا لا يجوز أن ننظر للمسلمين من منظار الشر فقط، بل من الأمرين جميعاً، ونوازن ونقارن، وعلى حسب ما يظهر يكون العمل.

فأرى أن المكتبات إذا قام عليها أهل الخير من ذوي العلم والأمانة والاتجاه السليم والخلق الكريم فهي من خير المنشآت بشرط أن يتحقق الأمر الثاني وهو سلامة الكتب. ومن المعلوم أنه إذا كان القائمون على المكتبات أهل الخير، فإنهم سوف يبعدون عنها الكتب المنحرفة فكرياً أو عقدياً أو منهجياً. هذا ما أريد وهو بصفة عامة، بقطع النظر عن المكتبة في البلد الفلاني أو في البلد الفلاني.