هل الأمر بتحية المسجد على الوجوب أو الاستحباب؟
مدة الملف
حجم الملف :
1540 KB
عدد الزيارات 1336

السؤال:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» الأمر هنا هل هو للوجوب أم للندب؟

الشيخ:

هل هو للتحريم أو للكراهة؟

السائل:

نعم.

الشيخ:

أو للوجوب؟

السائل:

للوجوب أو للتحريم؟

الجواب:

لا، هل هو للتحريم أو لا؟ لأنه قال: لا يجلس نهي، فهل هذا النهي للتحريم، وإذا كان للتحريم صارت الركعتان من الواجب.

اختلف فيها العلماء، وأكثر العلماء على أن تحية المسجد سنة.

وبعضهم يرى أنها واجبة.

والقول بالوجوب قوي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب، فدخل رجل المسجد فجلس، فقال له: «أصليت؟» قال: لا. قال: «قم فصل ركعتين وتجوز فيهما» فكون الرسول صلى الله عليه وسلم قطع الخطبة وأمره أن يقوم فيصلي، مع أنه إذا صلى سوف ينشغل بالصلاة عن استماع الخطبة، واستماع الخطبة واجب، ولا اشتغال عن واجب إلا بواجب، فالقول بهذا قوي.

لكن بعض الأشياء قد تضعف القول بالوجوب، كدخول الإمام يوم الجمعة، فإنه يصعد إلى المنبر ولا يصلي، وكدخول الإنسان المسجد الحرام للطواف فإنه يطوف ولا يصلي، وكذلك أيضاً قضايا ظاهرها عدم الوجوب، مثل: قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تاب الله عليه، فجاء فدخل المسجد فقام الناس يهنئونه، وظاهر القصة أنه لم يصل ركعتين.

فهذا مما يضعف القول بالوجوب؛ لأن القول بالوجوب ليس اسماً مجرداً لواجب أو غير واجب، القول بالوجوب يقتضي أن من جلس ولم يصل فهو آثم، وثبوت الإثم مع الاحتمال يتوقف فيه الإنسان.

لكني أنا أقول لكم أيها الإخوة نصيحة عامة: إذا ورد النهي فاجتنبه ولا تسأل: هل هو للتحريم أو للكراهة؟ وإذا ورد الأمر فاتبعه ولا تسأل: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ فالصحابة رضي الله عنهم إذا كانوا أمرهم الرسول بشيء لا يقولون: يا رسول الله هل قصدت الوجوب أو الاستحباب، يفعلون مباشرة.

والحقيقة أن الإنسان متهم إذا سمع أمر الله، ورسوله ثم قال: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ يا أخي أنت مأمور أن تفعل، إذا سمع النهي يقول: هل هو للكراهة أو للتحريم؟ أنت مأمور أن تترك، نعم إذا تورط الإنسان ولم يفعل المأمور ولم يترك المنهي عنه، إذا تورط حينئذ نبحث: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ أما قبل ذلك فنصيحتي لكل مؤمن إذا سمع أمر الله ورسوله أن يقول: سمعنا وأطعنا ويفعل، وإذا سمع النهي أن يقول: سمعنا وأطعنا ويترك، ولا يخاطر بنفسه، وأشد الناس انقياداً لأمر الله ورسوله هم أقوى الناس إيماناً ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور:51] فاطلب الفلاح، ثم إنك إذا فعلت المأمور سواء كان واجباً أو غير واجب طاعة لله ولرسوله ازداد قلبك إشراقاً، وإيمانك قوة، وصرت مع شرائع الله أمراً ونهياً، لكن إذا صرت تتعنت هل هو واجب أو غير واجب فهذا أمر لا ينبغي.

نسأل الله أن يعيننا وإياكم على الطاعة.