يعاني من تأنيب الضمير والإحساس بالذنب
مدة الملف
حجم الملف :
2050 KB
عدد الزيارات 18573

السؤال:

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم، هذا السائل يقول: يا شيخ، يعتريني أحيانا شعور بالذنب وتأنيب الضمير والإحساس بالنقص، وأستحضر الأخطاء التي وقعت فيها ولو لم تكن برغبتي، والأشياء الصغيرة مضى عليها سنوات كثيرة، فهل هذا من وساوس الشيطان؟ وما الحل والعلاج؟

الجواب:


الشيخ: الحل والعلاج هو التوبة إلى الله عز وجل، فكلما تذكر الإنسان الذنب أحدث لنفسه توبة، ولكن لا يجوز له أن يسيء الظن بالله، فيظن أن الله لا يتوب عليه؛ لأن من تاب توبة نصوح تتم فيها الشروط تاب الله عليه ولا بد، قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات ﴾، ولكن التوبة لها شروط؛ الشرط الأول: أن تكون خالصة لله. الشرط الثاني: أن يندم الإنسان على ما فعل من الذنب. الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب في الحال. الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود. الشرط الخامس: أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة. أما الإخلاص فضده الشرك، فإذا تاب الإنسان للخلق لا لله فتوبته غير مقبولة؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»، وأما الندم فلأن الإنسان إذا لم يكن منه ندم صارت السيئة وعدمها سواء عنده، وهذا يعني أنه غير مبال ولا مكترث، فلا بد أن يكون هناك ندم وجزع في النفس على ما فعل من الذنب، إما ترك واجب أو فعل محرم، وأما الإقلاع فمعلوم انه لا توبة مع الإصرار، يقول: أتوب إلى الله من الربا وهو يتعامل بالربا، كيف يكون هذا؟! يقول: أتوب إلى الله من الغيبة، وهو يغتاب الناس، كيف تكون التوبة؟! الرجوع من معصية الله إلى طاعته، فمن لم يقلع عن الذنب فليس بتائب، ولهذا يجب على من عنده مظالم للناس إذا تاب إلى الله أن يرد المظالم إلى أهلها، فلو سرق لإنسان من شخص سرقة وتاب إلى الله فلا بد أن يرد السرقة إلى صاحبها وإلا لم تصح توبته، ولعل قائلاً يقول: مشكلة إن رددتها إلى صاحبها أفتضح، وربما يقول صاحبها: أن السرقة أكثر من ذلك، فيقال: يستطيع أن يتحيل على هذا بأن يكتب مثلاً كتاب ولا يذكر اسمه، ويرسله إلى صاحب السرقة إي  المسروق أو قيمته إن تعذر، ويقول في الكتاب: هذه لك من شخص اعتدى فيها وتاب إلى الله، ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً. وأما أن يقول: أخاف أن أفتضح أو أخاف أن يدعي صاحب المال أن المال أكثر فهذا لا يعفيهم من رده. الرابع: العزم على ألا يعود، فإن كان خالصاً لله وندم وأقلع لكن في نيته أنه لو حصلت له فرصة أخرى لهذا الذنب لفعله فهذا لا تقبل توبته؛ لأن التوبة قطع الصلة بين الذنب وبين التائب. وأما الشرط الخامس: وهي أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة فهو احتراز منا لو تاب الإنسان بعد حضور أجله فإن توبته لا تنفعه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾،  لهذا لن يقبل الله توبة فرعون حين أدركه الغرق: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾،  فقيل له: الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، كذلك أيضاً إذا طلعت الشمس من مغربها فإن الناس إذا رأوها آمنوا كلهم ولكن لا ينفعهم الإيمان، تابوا من ذنوبهم لكن لا ينفعهم؛ لقول الله وتعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾، فالمراد بذلك: طلوع الشمس من مغربها. وإني أنصح أخواني المسلمين أن يبادروا بالتوبة إلى الله عز وجل لقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾؛  ولأن الإنسان لا يدري ما بقاءه في الدنيا فقد يؤمل طول العمر ولكنه ينقص، يقول: الآن الأمل فالواجب المبادرة إلى التوبة إلى الله عز وجل حتى يتخلص الإنسان من الذنوب ويخرج من الدنيا سالماً. نعم.