هل يضحى عن الميت ؟
مدة الملف
حجم الملف :
2075 KB
عدد الزيارات 1004

السؤال:

أحسن الله إليكم وبارك فيكم. يقول
السائل: بالنسبة للأضحية عن الميت ما حكمها يا فضيلة الشيخ، وما الأفضل عن الميت؟

الجواب:


الشيخ: الأفضل بل أفضل للميت ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له». فتأمل قوله: يدعو له، حيث عدل عن العمل إلى الدعاء، فهو يقول في أول الحديث: انقطع عمله إلا من ثلاث، فعدل عن العمل إلى الدعاء، وهو دليلٌ واضحٌ أن الدعاء للميت أفضل من العمل له؛ لأننا نعلم علم اليقين كما نعلم بضوء الشمس في رابعة النهار إذا لم يكن فيها سحاب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يعدل إلى المفضول دون الفاضل، لم يقل: أو ولدٌ صالح يضحي له، ولم يقل: أو ولدٌ صالح يصلي له ركعتين، ولم يقل: أو ولدٌ صالح يقرأ له ختمة، ولم يقل: أو ولدٌ صالح يعتمر له، ولم يقل: أو ولدٌ صالح يحج له، كل هذا لم يقله، فلماذا عدل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذكر العمل إلى ذكر الدعاء؛ لأن إهداء الأعمال ليس بمشروع وإن كان جائزاً، لكن ما يشرع يعني أننا لا نأمر الناس أن يهدوا الأعمال إلى موتاهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر به، أعمالنا لنا نحن في حاجةٍ إليها، وسيأتينا اليوم الذي نتمنى فيه أن في أعمالنا زيادة حسنة، ونحن إذا أهدينا أعمالنا إلى الأموات فليس لنا فيها أجر، ليس لنا فيها أجر العمل، لأن العمل تخلينا عنه إلى المهدى له، وإنما فيها أجر الإحسان إلى هذا الرجل الذي أهدينا له العمل، ثم إننا نقول للأخ الذي يريد أن يهدي لوالده أو أمه أو ما شابه ذلك: أدعُ له: اللهم اغفر لوالدي، اللهم أسكنهما فسيح جنتك، وما أشبه ذلك، إذا حصل هذا صار أفضل من آلاف الركعات، والذي أشير به إلى إخواننا أن يحرصوا على الدعاء لأمواتهم، وأن يجعلوا الأعمال الصالحة لأنفسهم، أما مسألة الأضحية عن الميت فإلى ساعتي هذه لا أعلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضحى عن أحدٍ من الأموات، ولا أعلم ذلك عن الصحابة، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ماتت زوجته خديجة وهي من أحب النساء إليه، ومات له ثلاث بنات؛ زينب ورقية وأم كلثوم، واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب، ولم يضحِ عن واحدٍ منهم، غاية ما هنالك أنه ضحى بأضحية وقال: «اللهم هذا عن محمد وآل محمد». ولم نعلم ماذا قصد بقوله: آل محمد، هل أراد كل قرابة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وزوجاته، أو أراد آل محمد الأحياء الذين في البيت، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن الأضحية عن الميت ليست مشروعة، وأن ثوابها يذهب للمضحي وليس للميت، وقالوا: إن الصدقة بقيمة الأضحية أفضل من الأضحية؛ لأن الصدقة عن الميت ثبتت بها السنة، كما استأذن سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل مخرافه في المدينة لأمه، المخراف نخل يخرف، وأتاه رجل، أي أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. ولم يستأذنه أحدٌ في الأضحية، وخير من أن يضحى عن الميت استقلالاً أن يضحي عنه وعن أهل بيته، وينوي بقوله قرابته الأموات والأحياء. نعم.