فعلت الكثير من الكبائر ثم تابت..ثم تزوجت فهل زواجها صحيح ؟
مدة الملف
حجم الملف :
2086 KB
عدد الزيارات 4992

السؤال:

  أحسن الله إليكم يا شيخ. هذه أختكم في الله ن ج م تقول: فضيلة الشيخ حفظكم الله. امرأة تسأل وتقول: بأنها كانت جاهلة وللأسف أنها فعلت الكثير من الكبائر، ثم ندمت واستغفرت الله عز وجل، ودعت الله عز وجل أن يرزقها بزوج صالح، وبعد سنة تقريباً تزوجت من رجل صالح وبقيت معه سنوات ورزقهم الله بالولد، وهذه المرأة بقيت تتذكر تلك الذنوب وذلك التقصير في حق الله عز وجل، وتابت إلى الله والحمد لله والآن هي محتارة هل عقد الزواج صحيح أم لا؟ وإذا كان غير صحيح هل يجدد هذا العقدظ مع أنها تقول: أنا أحب زوجي ولا أستطيع فراقه؟ 

الجواب:


الشيخ: إذا كانت هذه المرأة لم تفعل ما تخرج به من الإسلام، وإنما هي معاصي وكبائر فعقد النكاح صحيح ولا يحتاج إلى تجديد عقدن وتوبتها مما صنعت من المعاصي إذا كانت تامة الشروط فإنه لا أثر للمعاصي عليهاح لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ وقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.  وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التوبة تجب ما قبلها، ولكن لابد للتوبة من شروط، شروط التوبة خمسة؛ الشرط الأول: أن تكون خالصة لله؛ بأن لا يحمل المرء على التوبة إلا قصد رضوان الله عز وجل العفو عنه، لا يقصد بالتوبة رياءً ولا سمعة ولا شيئاً من أمور الدنيا. الشرط الثاني: أن يندم على ما فعل من الذنوب، وأن يتأثر نفسياً بذلك، وأن يتمنى بقلبه أنه لم يفعل هذا الذنب. الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب إن كان معصية في مخالفة أمر الله فليأت بالمأمور، يعني إن كان الذنب ترك واجب فليأت بالواجب، إذا كان مما يشرع قضاءه وإن كان محرم فليقلع عن هذا المحرم، ويدخل في ذلك ما إذا كان في حق آدمي فليوصل الحق إلى أهله. الشرط الرابع: أن يعزم على أن لا يعود إلى الذنب مرة أخرى، أن يعزم على أن لا يعود وليس الشرط أن لا يعود، أن يعزم أن لا يعود، فإن عزم أن لا يعود ثم عاد فيما بعد لم تنتقض التوبة الأولى ولكن عليه أن يجدد التوبة للعود.  الشرط الخامس: أن تكون التوبة في زمن قبولها؛ لأن التوبة يأتي زمن لا تقبل فيه، وذلك فيما إذا حضر الموت، فإنه إذا حضر الموت لا تقبل التوبة؛ لقوله الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾، ولما أدرك فرعون الغرق: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، فقيل له الآن، يعني الآن تتوب وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، وكذلك لا تقبل التوبة إذا طلعت الشمس من مغربها؛ لقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾. وقد فسر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك بأنه طلوع الشمس من مغربها، وفي قولنا: يشترط أن تكون التوبة قبل حلول الأجل دليل واضح على أنه يجب على الإنسان أن يبادر بالتوبة؛ لأنه ما من إنسان يعلم أنه يموت في وقت معين ولا في مكان معين؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، فالإنسان لا يدري متى يأتيه الموت، كم من إنسان مات وهو يحدث أصحابه، وكم من إنسان مات وهو نائم على فراشه، وكم من إنسان مات وهو آخذ بإطار السيارة، وكم من إنسان مات وهو يمشي في الشارع، وهذا يوجب أن يبادر الإنسان بالتوبة قبل أن لا ينفعه الندم، أسأل الله أن يتوب علينا جميعاً.

 آميـــن.