الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ، وحكم قول : " إنك لا تخلف الميعاد "
مدة الملف
حجم الملف :
2006 KB
عدد الزيارات 2451

السؤال:

يقول بعضهم: إن الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدعة حين تكون بعد الأذان، فما قولكم في ذلك، وهل حقا بأنه لا يجوز أن يقول المسلم بعد الأذان: إنك لا تخلف الميعاد؟

الجواب:

الشيخ : لا أدري ماذا يريد السائل بقوله: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، هل أن أحدا أنكر عليه أن يقولها بهذه الصيغة، أن يقول الصلاة بهذه الصيغة: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، أو أن الذي أنكر عليه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولو بغير هذه الصيغة، فإن كان الأول يعني إن كان أنكر عليه أن يقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد فلعل هذا المنكر أنكر عليه لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يقولون هذه الصيغة، أي لم يقولوا اللهم صلِّ على سيدنا محمد، ومن المعلوم عند كل مسلم أن الصحابة رضي الله عنهم أشد منا حباً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنهم أي الصحابة أقوى تمسكاً بشريعة الله منا، وأن الصحابة رضي الله عنهم أشد تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منا، ومع ذلك فلم يؤثر عنهم أنهم كانوا يقولون عند انتهاء الأذان: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، نحن مأمورون باتباعهم بإحسان حتى ننال رضى الله كما رضي عنهم. قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾  والاتباع بإحسان هو ألا نقصر عنه ولا نزيد عليه، هذا الاتباع بإحسان، فإذا كان الصحابة لا يقولون: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وهم كما وصفنا بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن المشروع لنا ألا نقوله، فلعل الذي أنكر عليه وقال: إنه بدعه لاحظ هذا المعنى، وإلا فمن المعلوم عند كل مسلم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو سيدنا، بل سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، سيد الرسل، سيد الأنبياء، سيد الصديقين، سيد الشهداء، سيد الصالحين، سيد الأولياء، هو سيد كل بشر عليه الصلاة والسلام، هذا أمر نؤمن به ونتقرب إلى الله تعالى باعتقاده، لكن مقتضى السيادة حقيقة أن نلتزم بسنته وألا نتجاوزها وألا نقصر عنها؛ لأنه ما دام سيداً فيجب أن يكون هو الأسوة والقدوة، لذلك أنصح إخواني المسلمين ألا يتجاوزوا الحدود فيما ورد في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فمثلاً لو قال قائل: إنني سأقول في التشهد: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، لو أراد أن يقول هكذا لأنكرنا عليه، نقول: أتعلمنا ما لم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصلاة في هذا المكان وردت في هذا الوصف: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، فإذا قال: أنا أقول هذا من شدة محبتي له وتعظيمي له، قلنا له: شدة المحبة والتعظيم تقتضي أن تجعله إماماً لك بحيث لا تزيد على ما شرع لك ولا تنقص عنه، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المشروع بعد الأذان فهي سنة، ينبغي للإنسان إذا انتهى المؤذن وقد تابعه في أذانه أن يقول: «اللهم صلِّ على محمد، اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد». وهذه الجملة الأخيرة إنك لا تخلف الميعاد اختلف علماء الحديث في تصحيحها وتحسينها وتضعيفها، فمنهم المصحح ومنهم المحسن ومنهم المضعف، والأمر في هذا واسع، من قالها لا ينكر عليه، ومن حذفها لا ينكر عليه، لكن قولها أفضل؛ لأن الله تعالى ذكر عن أولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم أنهم قالوا: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾. فقولها أحسن من حذفها، ولا ينكر على من قالها ولا على من حذفها.