حكم تكرار العمرة في سفرة واحدة
مدة الملف
حجم الملف :
1304 KB
عدد الزيارات 28498

السؤال :

نشاهد البعض من الناس في رمضان يكرر العمرة أكثر من مرة، هل في ذلك بأس فضيلة الشيخ؟

الجواب:

الشيخ : نعم في ذلك بأس وذلك أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتح مكة في رمضان، في عشرين من رمضان، وبقي في مكة آمناً مطمئناً ولم يخرج هو وأصحابه ولا أحد منهم إلى التنعيم من أجل أن يأتوا بعمرة، مع أن الزمن هو رمضان وذلك في عام الفتح، ولم يعهد أن أحداً من الصحابة أتى بعمرة من التنعيم أبداً إلا عائشة رضي الله عنها لسبب من الأسباب، وذلك أن عائشة رضي الله عنها قدمت من المدينة في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم وكانت محرمة بالعمرة، فحاضت قبل أن تصل إلى مكة، فأمرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تحرم بالحج لتكون قارنةً ففعلت. ومن المعلوم أن القارن لا يأتي بأفعال العمرة تامةً، بل تندرج أفعال العمرة بأفعال الحج. فلما انتهى الناس من الحج طلبت عائشة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تعتمر، فأمرها أن تخرج مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فتحرم بالعمرة ففعلت. ولما كان هذا السبب ليس موجوداً في أخيها عبد الرحمن لم يحرم بعمرة بل جاء مُحِلاً. وهذا أكثر ما يعتمد عليه الذين يقولون بجواز العمرة من التنعيم لمن كان في مكة، وكما سمعت ليس فيه دليل بذلك لأنه خاص بحال معينة أذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة. أما تكرارها فإن شيخ الإسلام رحمه الله نقل أنه مكروه باتفاق السلف. ولقد صدق رحمه الله في كونه مكروهاً؛ لأن عملاً لم يعمله الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه وهو من العبادة كيف يكون مطلوباً ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؟! لو كان خيراً لسبقونا إليه. ولو كان مشروعاً لبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه مشروع إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره، وكل هذا لم يكن. فلو أن هؤلاء بقوا في مكة وطافوا حول البيت لكان ذلك أفضل لهم من أن يخرجوا ويأتوا بعمرة. ولا فرق بين أن يأتوا بالعمرة لأنفسهم أو لغيرهم كآبائهم وأمهاتهم؛ فإن أصل الاعتمار للأب والأم نقول فيه: إن الأفضل هو الدعاء لهم إذا كانا ميتين؛ لقول الرسول صلى الله وعليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء للأب والأم، ولم يرشد إلى أن نعمل لهما عمرة أو حجاً أو طاعة أخرى. الخلاصة أن تكرار العمرة في رمضان أو غير رمضان ليس من عمل السلف، وإنما هو من أعمال الناس الذين لم يطلعوا على ما تقتضيه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.