
السؤال:
جزاكم الله خيراً. بارك الله فيكم. ننتقل بعد ذلك إلى رسالة وصلت من أم محمد، من تبوك تقول فيها، تقول في هذا السؤال، تذكر بأنها فتاة متدينة وتحمد الله، وقد تقدم لخطبتها شاب متدين وفقيه، ومتمكن من معرفة الأمور الشرعية وأحكامها. تقول: وقد خطبني من أبي ولكنه رفض. وقال: يجب أن يكون من العائلة. وقال: إنه ليس من العائلة. وقد قرأت في أحد الكتب حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه أن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». ما هي الفتنة في هذا الحديث؟ وهل على والدي ذنب في رفضه لهذا الشاب؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الشيخ: هذا السؤال يحتاج جوابه إلى مقدمة، ونصيحة نوجهها إلى أولياء الأمور في تزويج النساء، إذ أنه من المعلوم أن ولي المرأة يجب عليه أداء الأمانة، بحيث لا يزوجها بمن لا يرضى دينه، حتى وان رغبته المرأة؛ لأن المرأة قاصرة في عقلها وتفكيرها؛ ولهذا لا يصح أن تكون أميرة إمرة عامة على الرجال والنساء، وان كان يصح أن تكون ولية في أمور النساء، في حقل النساء كمديرة المدرسة ونحوها، فقد تختار لنفسها من لا يرضى دينه لإعجابها بصورته، أو لإعجابها بفصاحته أو تملقه أو ما أشبه ذلك، وفي هذه الحال لوليها أن يمنعها من نكاحها بهذا الخاطب، وكما أنه لو منعه من التزويج بمن لا يرضى دينه، فانه يحرم عليه منعها من أن تتزوج بمن رضيته وهو ذو خلق ودين؛ لان الأمر إليها في ذلك، والولي ما هو إلا متولي لأمرها؛ لئلا تغتر وتختار من لا ينبغي أن تتزوج به، ولكنه ليس له السيطرة التامة عليها، بحيث يمنعها عمن شاء، ويزوجها بمن شاء، فيجب على ولي أمر المرأة إذا خطبها من يرضى دينه وخلقه ورضيته، أن يزوجها ولا يحل له منعها، فإن منع فهو آثم، بل قد قال العلماء: إذا تكرر منعه فإنه يكون فاسقاً، تسقط ولايته، وتنتقل الولاية إلى من بعده، وعلى هذا فإذا منع الأب من تزويج ابنته بشخص رضيه، ويرضى دينه وخلقه، لعمها أن يزوجها ولو كره أبوها، ولأخيها أن يزوجها ولو كره أبوه، والأخ مقدم على العم؛ لكن الأخ قد لا يتقدم لتزويجها، خوفا من أبيه فيزوجها في هذه الحالة العم، وإذا قدر أن العم امتنع، زوجها إبن العم، وإذا امتنعت العائلة؛ احتراما لأبيها زوجها القاضي، هذا وان كان ممتنعا عدة وعرفا، فإننا نبين انه حق للمرأة سواء فعلته أم لم تفعله، لكننا نحذر أولياء الأمور من أن يمنعوا من ولاهم الله عليهن من تزويجهن بكفء يرضينه، هذا ما أحب أن ينتبه له أولياء الأمور في تزويج النساء، أما هذه القضية الخاصة فنقول لهذه المرأة: إذا امتنع والدك من أن يزوجك بمن ترضين فيه خلقا وديناً، وأبى ألا يزوجك إلا من العائلة، فانه لا يجب عليك طاعته، بل لك الحق أن تطلبي من ولي بعده أن يزوجك، فان امتنع الأولياء اتباعاً للعادات والتقاليد، فاطلبي ذلك من القاضي، وعلى القاضي أن يزوجك، إلا أن يرى أو يخاف مفسدة عظمى في تزويجك فالأمر إليه، وأما معنى الحديث: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه أو قال فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، فالفتنة هي إما في المال، وإما في العرض، والفساد الكبير ما يترتب على هذه الفتنة من الشر، وانتشار الزنا وغير ذلك، وهذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم، لمن منع تزويج موليته بمن يرضى دينه وخلقه. نعم.