السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء، بسؤال من السائل م ع ذ مكة المكرمة يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السؤال:
يقول: فضيلة الشيخ محمد، لقد تركت والدي ووالدتي منذ زمن وذلك للأسباب التالية، أولاً: وهو المهم لأن إخواني جميعهم شباب بالغين ولكنهم لا يصلون، وكل أمور اللهو المفسدة عندهم موجودة، وقد نصحهم أبي وأمي ونصحت لهم أنا ولكن لا فائدة من ذلك، ثانياً: إنني أريد أن أتزوج أن شاء الله قريباً والبيت صغير جداً يقول: كما تعلمون لا يجوز أن تكشف زوجتي لإخواني، هل أنا آثم حين تركت والدي ووالدتي؟ وإذا كنت آثماً ماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قبل الإجابة على هذا السؤال، أوجه نصيحة إلى إخوان السائل الذين وصفهم بأنهم لا يصلون، وأن جميع آلات اللهو الفاسدة عندهم، أقول لهم هداهم الله: إنكم لم تخلقوا في هذه الدنيا عبثاً، تتمتعون كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقتم لعبادة الله سبحانه وتعالى، وأجل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة الصلاة، فإنها عمود الإسلام ومن أقامها وحفظها حفظ الله عليه دينه، وكانت سبباً في حفظه من الفحشاء والمنكر؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وأقم الصلاة أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾، وإضاعتها من أسباب الغيب والهلاك والشقاء، وإضاعتها كفر مخرج من الملة على القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ لدلالة الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، وإضاعتها سبب لضيق النفس وضيق الصدر وضيق الرزق؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، وإضاعتها سبب لإضاعة غيرها من العبادات؛ لأن من أضاع صلاته مع أهميتها وخفتها وقلتها فهو لما سواها أضيع، وإضاعتها بتركها بالكلية سبب لرد الأعمال الصالحة سواها، وذلك أن الكافر لا يقبل له عمل صالح حتى يؤمن، فلو قدر أن هذا الرجل التارك للصلاة صام أو تصدق أو حج أو أعتمر، فإن صيامه وصدقته وحجه وعمرته لا تقبل منه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ﴾، فأقول لهؤلاء الذين ذكر عنهم أخوهم ما ذكر: اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أمكم وأبيكم وأخيكم، اتقوا الله في مجتمعكم؛ لأن معاصيكم قد تكون شؤماً على المجتمع كله؛ لقول الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، ثم بعد ذلك أقول للسائل: إذا كان لا يمكنك تغيير المنكر في البيت ولا التخلص منه، بحيث يكون البيت صغيراً ولا يمكنك أن تنفرد بحجرة أو غرفة، فإن الواجب عليك أن تخرج من البيت سواء تزوجت أم لم تتزوج، وأما إذا كان بقاؤك في البيت يمكنك أن تتخلص من المنكر ويكون بقاؤك تخفيفاً وتوسعة من صدر أبيك وأمك، فأبقى في البيت وخفف المنكر ما استطعت، وربما يكون في مداومة نصيحتك لإخوانك ما يزول به المنكر. نعم.