حكم الحلف بالطلاق والإكثار منه
مدة الملف
حجم الملف :
1958 KB
عدد الزيارات 20571

السؤال:

هذا المستمع من الرياض يقول: فضيلة الشيخ؛ هنالك أناس يحلفون دائماً بالطلاق على كثير من الأشياء حتى في بعض الأحيان تكون على أمور تافهة جداً فهل عليه إثم في ذلك؟

الجواب:


الشيخ: ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. وأنه نهى عن الحلف بالآباء، وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك. والحلف أن يأتي بالشيء، أو أن يأتي باليمين بالصيغة المعروفة والصيغة المعروفة؛ وهي والله وبالله وتالله فلا يحل للإنسان أن يحلف بالطلاق أو بغير الطلاق لا يحلف إلا بالله عز وجل، فلو قال: والطلاق لأفعلن كذا، أو قال للسيد فلان: لأفعلن كذا. كان ذلك حراماً وشركاً قد يصل إلى الأكبر، وقد يكون أصغر والأصغر أنه شرك أصغر ما لم يكن في قلب هذا الحادث تعظيم للمحلوف به مساوي لتعظيم الله عز وجل أو أكثر، أما الحلف بالطلاق بصيغة معروفة التي هي الشرط والجزم، فإن هذا لا يدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: من حلف بالله فقد كفر أو أشرك. لكنه في حكم اليمين عند كثير من العلماء، وفي حكم الطلاق المعلق على شرف المهر عند أكثر العلماء؛ فمثلا إذا قال: إن فعلت كذا امرأته طالق، ففعل هذا الشيء، فإن امرأته تطلق عند أكثر أهل العلم، وعند بعض العلماء لا تطلق حتى يسئل هل أنت أردت بذلك الطلاق، أو أرت أكيد المنع إن كان أراد الطلاق فإنه يقع؛ لأنه طلاق معلق على شرف ووجد، وإن قال: أردت التوكيد على منع نفسه من هذا الفعل كان ذلك في حكم اليمين إذا فعل ما علق الطلاق عليه، فإن يكفر كفارة يمين وكفارة اليمين ذكرها الله في قوله: ﴿وكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهاليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم﴾ وعلى هذا فإني أوجه النصيحة لإخواني الذي ابتلوا بهذا النوع من الأيمان، وهو أيمان الطلاق أنصحهم أن يكفوا ألسنتهم عن ذلك؛ لأن أكثر أهل العلم يلزموهم بالطلاق، وهذه مصيبة أن تبقى زوجتك -إذا كان هذا اليمين هو الطلقة الثالثة- أن تبقى زوجتك حرام عليك عند أكثر العلماء، فالمسألة مشكلة وخطيرة ويجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، ويقال له: إذا كنت عازماً على أن لا تفعل، أو عازماً على أن تفعل، وأوتيت إلى اليمين، فاجعل اليمين بالله عز وجل، أما زوجتك فدعها تبقى في مكانها ولا تطلق الطلاق عليها، وقد كثر الحلف بالطلاق عندنا مع أنه كان معدوماً من قبل؛ وذلك لأنهم أضاعوا من يفتيهم؛ لأن حكمه حكم اليمين، وكانوا فيما سبق لا يجتمعون بهذه الفتوى، فتجدهم يخشون خشية عظيمة من أن يحلفوا بالطلاق وأنا لست أعارض في الإفتاء؛ لأن هذا الطلاق إذا كان القصد منه الحبس، أو المنع، أو التصديق، أو التكريم يكون في حكم الطلاق؛ بل أنا أفتي بذلك لكني أقول: إنه لا ينبغي للإنسان إذا وجد مثل هذا القول أن يجعله وصية تبرر رفضك في كلامه في الطلاق؛ لأننا نقول: وجدت هذا القول، فلا تنسى أقوال العلماء الذين هم أكثر عدداً ممن يفتي بأن هذا الطلاق في حكم اليمين، أكثر العلماء يرون أنك إذا قلت: إن فعلت كذا فامرأتي طالق، ثم فعلت أكثر العلماء يرونها تطلق على كل حال. فإذا قلت هذا ثلاث مرات فهذا يعني أن زوجتك تطلق ثلاثاً، وحينئذٍ تبقى معك وأنت تجامعها جماعاً محرماً عند أكثر العلماء، فالمسألة خطيرة جداً لذلك أوجه النصيحة لإخواني أن يكفوا ألسنتهم عن مثل هذه الأمور.