الأصل في اللباس الإباحة
مدة الملف
حجم الملف :
3374 KB
عدد الزيارات 18960

 

السؤال:

هذه مستمعة من الرياض تقول في سؤالها فضيلة
الشيخ: وردت عدة أحاديث عن لبس المرأة المسلمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تشابهت علينا، أرجو من فضيلة الشيخ أن يوضح كيفية لبس المرأة الملتزمة في الوقت الحالي، والكيفية نريدها في جميع ملبوسات هذا العصر، بارك الله فيكم؟

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أذكر قاعدة مفيدة في هذا الباب؛ وهي أن الأصل في اللبس الحل والإباحة، حتى يقوم دليل على التحريم؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ ولقول الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾، فهذه القاعدة يجب أن نبني عليها حكم ما يلبسه الرجال والنساء، فنقول: الأصل في ذلك الحل حتى يقوم دليل على تحريمه، ومما جاءت الأدلة بتحريمه أن تلبس المرأة لباساً يختص بالرجل، أو يلبس الرجل لباساً يختص بالمرأة؛ لأن هذا يكون من باب التشبه، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء هذا واحد، ثانياً: لما ورد فيه التشبه بالكافرات؛ بمعنى أن يلبس الرجل لباساً يختص بالكفار لا يلبسه غيره، أو تلبس المرأة لباساً يختص بالنساء الكافرات لا يلبسهن غيرهن، فإن هذا حرام، ولا يجوز؛ لأن التشبه بالكفار محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم». ولأن التشبه بالقوم يؤدي إلى احترامه في الظاهر واعتزازهم بتقاليدهم، وما هم عليه، قال أهل العلم: ولأن التشبه بهم في الظاهر قد يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن في العقيدة والأخلاق، وبهذا يهلك المسلم وينسلخ من مقومات دينه الظاهرة والباطنة، رابعاً: مما يحرم لبسه أن يلبس الرجل ذهباً خاتماً أو قلادة أو أسورة أو غير ذلك؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم الذهب على الرجال، حتى إنه قال لرجل رأى عليه خاتم ذهب: «يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده» أو قال: «في أصبعه». ثم نزعه النبي صلى الله عليه وسلم من إصبع الرجل وطرحه، وأما النساء فلهن أن يلبسن من الحلي ما جرت به العادة من ذهب أو فضة أو غيرهما، بشرط ألا يشتمل على محرم؛ ومن الأشياء المحرمة وهو الخامس: أن يلبس الإنسان ما فيه صورة؛ من ثياب أو فنائل أو أخدرة أو سراويل أو غيرها، وكذلك كما يفعله بعض النساء من لباس حلي من الذهب، أو من غير الذهب، على شكل حيوان ثعبان أو فراشة أو ما أشبه ذلك، فإن هذا محرم وذلك لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، واصطحاب الإنسان للصورة في لباسه من أعظم ما يطرد الملائكة عن دخول البيت، ولا فرق في هذا بين الصغار والكبار على القول الراجح، وقد ذكر فقهاء الحنابلة قاعدة في هذا الباب مهمة؛ وهي أنه يحرم لباس الصبي ما يحرم على البالغ، ومن ذلك أن اللباس المحرم أن يلبس الإنسان ما لا يستر عورته، كما يفعله بعض الناس من الرجال، حيث يلبسون ثياباً خفيفة تحت السراويل لا تستر ما بين السرة والركبة، ثم يصلون فيها فإن هذا من اللباس المحرم الذي لا يستر، ولا يجزئ في الصلاة، وكذلك بعض النساء يلبسن ثياباً قصيرة أو ضيقة أو خفيفة من ورائها الجلد ويرى من ورائها الشيء الضيق حجم البدن كأنما فصل الثوب عليه تفصيلاً لازقاً به، فإن هذا حرام على المرأة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم أسياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات ما ئلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». والأفضل في لباس المرأة أن يكون ساتراً من رءوس الأصابع إلى الكفين إلى القدمين، والستر بالنسبة إلى الكف قد يكون بثوب ظاهر طويل الكم، وقد يكون بكمال القفازين، فإن لباس القفازين للنساء كان معهوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر ما تجتنبه المحرمة قال: ولا تلبس القفازين. وهذا يدل على أن معارك النساء في ذلك الوقت لباس القفازين؛ لأنه يحسر الكف، أما بالنسبة إلى لباس الرأس فإن المرأة تلبس خماراً تستر به رأسها وتستر به وجهها أيضاً عن الرجال الأجانب؛ لأنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها للرجال الأجانب لدلالة الكتاب والسنة على منع ذلك، ودلالة النظر الصحيح السليم على أنه لا بد من ستر المرأة وجهها بما في كشفه من الفتنة التي قد تؤدي إلى الفاحشة الكبرى حال ما يحول الآن منعه من اللباس، وقد يكون هناك أشياء أخرى غير ما ذكرناه الآن، لكن القاعدة التي أسستها أولاً أو بينتها أولاً؛ وهو أن الأصل في اللباس الحل، حتى يقوم دليل على التحريم، وذكرت في ذلك آية من كتاب الله وهو قول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ وربما يضاف إلى ذلك آية ثالثة وهو قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.