هل في الحلي زكاة ؟ وهل يعتبر من الأموال المكنوزة؟
مدة الملف
حجم الملف :
3055 KB
عدد الزيارات 5424

السؤال:

المستمعة ع.م.م. من العراق لها هذا السؤال تقول: هل على الذهب المستعمل زكاة وهل يعتبر من الأموال المكنوزة وإذا كان عليه زكاة نرجو بيان ذلك بالتفصيل جزاكم الله خيراً؟

الجواب:


الشيخ: الحلي من الذهب والفضة، اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة فيه إذا كان معداً للاستعمال، فمن أهل العلم من قال: إنه لا زكاة فيه. ومنهم من قال: إن فيه زكاة. والذين قالوا فيه الزكاة منهم من قال: إن زكاته ذهباً، أو فضة، ومنهم من قال: إن زكاته مثل استعمالهم؛ أي أنه يستعمل في منفعة، فتكون زكاته منفعة، وذلك بإعارته، والقاعدة الشرعية لكل مؤمن التي يجب أن تكون مبنى المؤمن في سيره إلى الله عز وجل وعبادته ومعاملته عباد الله أن يكون الحكم بين أهل العلم إذا اختلفوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا رددنا هذا الخلاف بين أهل العلم إلى الكتاب والسنة، فإنه يتبين أن القول الراجح من هذه الأقوال: إن الزكاة واجبة في الحلي المستعمل من ذهب، أو فضة، فإن نصوص الكتاب والسنة في وجوب الزكاة في الذهب والفضة عامة لم يخصصها شيء إلا حديث لا يصح، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم  وجلودهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون﴾ وكنز الذهب والفضة هو عدم تزكيتهما؛ لأنهما إذا زكيا لم يكونا كنزاً، ولو كانا في قاع الأرض، وإذا لم يزكيا، فهما كنز، ولو كانا على ظهر جبل، أو على رأس جبل، ومن أدلة السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها. وفي رواية: زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى به جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، ثم يرى السبيل إما إلى الجنة وإما إلى النار. وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب؛ يعني سوارين غليظين. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار. فخلعتهما وأعطتهما إلى النبي صلى اللهعليه وسلم . وقالت: هما لله ورسوله. قال الحاكم بن حجر في بلوغ المرام: أخرجه الثلاثة وإسناده قوي، وهذا الحديث نص في محل النزاع ورواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مقبولة عند أهل الحديث المحققين منهم؛ كالإمام أحمد ويحيى بن نعيم وغيرهما، ولم يأت بقائل من طعن فيها فإذا كان الراوي من دار عمرو بن شعيب ثقة، فالحديث صحيح، وأقل أحواله أن يكون حسناً، وإذا كان حسناً، وله شاهد في الصحيح؛ كحديث أبي هريرة الذي ذكرناه كان حجة بلا شك، وأما إسقاط الزكاة عن الذهب والفضة قياساً على الثياب والأواني وشبهها فهو قياس في مقابلة النص، والقياس في مقابلة النص يقترح غير معمول به، ثم إنه قياس مع الفارق، فإن الذين لا يجيبون الزكاة للذهب والفضة قياساً على الثياب وشبهها يقولون: لو كان الحلي محرماً؛ لوجبت فيها الزكاة مع أنهم لا يرون الزكاة في الثياب المحرمة. ويقولون: لو أردت الحلي للنفقة، أو للكرى؛ لوجبت فيه الزكاة، مع أنهم لا يرون الزكاة واجبة في الثياب ونحوها إذا ادخرها الإنسان للنفقة، أو للكرب، فإذا كان هذا لا يحر بهذا في أكثر المسائل فما الذي يجعله يحر به في مسألة إسقاط الزكاة، مع أنه خلاف ما دل عليه النص، على كل حال القول الراجح في هذه المسألة: إن الزكاة واجبة في حلي الذهب والفضة، لكن بشرط أن يبلغ النصاب، والنصاب في الذهب عشرون مثقالاً، وفي الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومعرفة المثقال منوطة بأهل الذهب. وقد قيل: إنها تبلغ عشرة جنيهات سعودية من الذهب وخمسة أثمان جنيه، وقيل: أحد عشر جنيهاً، وثلاثة أشياع جنيه هذا في الذهب، أما في الفضة، فقيل: إنها ستة وخمسون ريالاً سعودياً من الفضة، ولكن اعتبارها دون تقييم أولى؛ لأنها معلومة في مكان، فهو عن نصاب من الذهب عشرون مثقالاً ومن الفضة مائة وأربعون مثقالاً، وأما الحلي من غير الذهب والفضة؛ كالماس وشبهه واللؤلؤ، فهذا لا زكاة فيه إلا أن يعد للتجارة.