معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولتأطرنه على الحق أطرا )
مدة الملف
حجم الملف :
2542 KB
عدد الزيارات 30696

السؤال:

وردتنا من المزاحمية، بريد المزاحمية من المقدم عبد الله بن إبراهيم بن زياد يقول في رسالته: الرجاء من فضيلة الشيخ المجيب أن يجيبني عن هذا السؤال، أعرض عليكم حضرة الأساتذة سؤالاً: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً». الرجاء من فضيلة الشيخ معنى قوله صلى الله عليه وسلم لتأطرنه على الحق أطراً، وتكملة الحديث، ومدى صحته إن أمكن.

الجواب:


الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين. هذا الحديث يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأكده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لتأمرن. وهذا من جملة جواب لقسم مقدر تقديره: والله لتأمرن. وهو قدر بمعنى الأمر والإلزام. وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وفي سندهما قال؛ لأنه أعل بالإرسال والانقطاع. وتسمية الحديث هو أن أول ما دخل النقد على بني إسرائيل أنه كان الرجل يمر بالرجل فيقول: يا هذا، اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه من ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ۞ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ۞ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ۞ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا والله لتأمرن بالمعروف، وتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً». ومعنى لتأطرنه على الحق أطراً؛ أي: تقهرونه، فتقهرونه وتلزمونه بالحق حتى يستقيم؛ وذلك لأنه إذا لم يستقم فإنه يكون الهلاك له ولمن سكت على منكره.

السؤال: في الحقيقة قلتم في أثناء الإجابة أن هذا الحديث فيه علة الإرسال والانقطاع، وهذه من خصوصيات المحدثين، لكن المرسل يريد أن يقف على هذه العلة؛ علة الإرسال والانقطاع.


الشيخ: علة الإرسال معناها أن يكون الحديث من مطبوعات التابعين أو الصحابة الذين لم يسمعوا من النبي عليه الصلاة والسلام؛ يعني أن سند الحديث إذا كان آخره التابعي ولم يذكر صحابي يسمون هذا مرسلاً، وهو من قسم الضعيف؛ لأن التابعي ما أدرك النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون الحديث منقطعاً. وأما من أعله بالانقطاع فقد روي مرفوعاً عن ابن مسعود رضي الله عنه من حديث أبي عبيدة ابنه، وقد قيل: إنه لم يسمع منه. وقال بعض المحدثين: إنه سمع منه. فهذا فهذه علة الانقطاع. وعلى كل حال الإرسال والانقطاع من أسباب ضعف الحديث.

السؤال: أي نعم، بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الرسالة وردتنا من راشد غانم العبد الغفار الرياض الديرة يقول فيها: كثير من الناس لا يؤدون شرائع الإسلام، وإذا طلب من أحدهم تأديتها قال أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذا ما طلب من الرسول تحصيله، فإذا قالوا ذلك فقد عصموا منه دماءهم وأموالهم، ولذا يرددون الإسلام مجرد النطق بكلمة التوحيد.


الشيخ: نقول: هذا الفهم الذي فهمه هذا السائل وغيره خطأ عظيم فادح؛ حيث يظنون أن الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إنما هذا مفتاح الإسلام للدخول فيه، وأما الإسلام فإنه هذا مع الشرائع الأخرى؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها». وقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه -قاتل من منع الزكاة- ولما راجعه عمر في ذلك قال: الزكاة حق المال. والزكاة من حقوق الإسلام التي لا بد منها، وكذلك الصلاة والحج والصيام. لكن من هذه الحقوق ما يكون تركه كفراً كما في الصلاة التي ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنها هي التي بين الرجل وبين الكفر والشرك، وأنها هي العهد الذي بيننا وبين الكفار. ومن حقوق الإسلام ما لا يكون تركه كفراً بحسب ما تقتضيه النصوص الشرعية. والمهم أن الإسلام ليس مجرد النطق بالشهادتين، وكيف يكون مسلماً من يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو لا يؤمن بالله ولا برسوله صلى الله عليه وسلم، بالحق الواجب لهما. إذا كان يشهد أن لا إله إلا الله فلماذا لا يقوم بحقه؟ لماذا لا يعبده؟ إذا كان يقول أشهد أن محمداً رسول الله فلماذا لا يقوم بحقه؟ لماذا لا يتبعه؟ فلا بد من عبادة الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فمجرد النطق بالشهادتين لا يكفي. فالمنافقون يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكنهم لا يأتون بأركان الإسلام، فلذلك لم يكونوا مؤمنين.