القراءة على الميت عند القبر
مدة الملف
حجم الملف :
2311 KB
عدد الزيارات 1862

السؤال: نرحب بفضيلة الشيخ.


الشيخ: الله يحييك.

السؤال:

فضيلة الشيخ، استعرضنا في الحلقة التي التقينا بكم فيها بالأسبوع الماضي رسالة المستمع خلف العمر من سوريا من الحسكة من ثانوية رميلان، كان يسأل عن حكم لمس المرأة، هل ينقض الوضوء؟ وقد أجبتم عنه. سؤاله الثاني يقول: إذا توفي الرجل وُضع عند قبره قُرَّاءٌ للقرآن بالأجرة إلى أن يأتي يوم الجمعة إلى يوم الجمعة، هل يستفيد الميت من هذه القراءة على قبره؟ وهل هذه القراءة جائزة أم لا؟

الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد؛ فإن هذا العمل من الأمور المنكرة التي لم تكن معروفةً في عهد السلف الصالح، وهو الاجتماع عند القبر والقراءة، وأما كون الميت ينتفع بها فإننا نقول: إن كان المقصود انتفاعه بالاستماع فهذا منتفٍ؛ لأنه قد مات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له». فهو وإن كان يسمع -إذا قلنا بأنه يسمع في هذه الحال- فإنه لا ينتفع؛ لأنه لو انتفع لزم منه ألا ينقطع عمله. والحديث صريح في حصر انتفاع الميت في عمله بالثلاث التي سقنا الحديث بها. وأما إذا كان المقصود انتفاع الميت بالثواب الحاصل للقارئ بمعنى أن القارئ ينوي بثوابه أن يكون لهذا الميت، فإذا تقرر أن هذا من البدع فالبدع لا أجر فيها، بل كل بدعةٍ ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن تنقلب الضلالة هداية. ثم إن هذه القراءة -وحسب طرح السؤال- تكون بأجرة، والأجرة على الأعمال المقرِّبة إلى الله باطلة، والمستأجَر للعمل الصالح إذا نوى بعمله الصالح هذا -الصالح من حيث الجنس، وإن كان من حيث النوع ليس بصالح كما سأبين إن شاء الله- أجراً في الدنيا فإن عمله هذا لا ينفعه ولا يقربه إلى الله، ولا يثاب عليه لقوله تعالى: ﴿من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون﴾. فهذا القارئ الذي نوى بقراءته أن يحصل على أجرٍ دنيوي نقول له: هذه القراءة غير مقبولة، بل هي حابطة ليس فيها أجرٌ ولا ثواب، وحينئذٍ لا ينتفع الميت بما أهدي إليه من ثوابها؛ لأنه لا ثواب فيها. إذاً  فالعملية إضاعة مال وإتلاف وقت وخروجٌ عن سبيل السلف الصالح رضي الله عنهم، لا سيما إن كان هذا المال المبذول من تركة الميت وفيها قصر وصغار وسفهاء، فيؤخذ من أموالهم ما ليس بحق، فيزداد الإثم إثماً. والله المستعان.

السؤال: في الحقيقة هناك بعض الناس بعد أن يدفنوا الميت يظلون عند قبره مدة يستغفرون الله ويذكرون الله ويتكلمون أيضاً مع الميت، ويتمسكون بقصة عمرو بن العاص الذي طلب من مشيعيه أن يبقوا عند قبره مدة نحر الجزور، نريد أيضاً حكم هذا العمل.


الشيخ: أما الوقوف عند القبر والاستغفار له وسؤال التثبيت للميت فهذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا فرغ من دفنه وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل». وأما ما ذكر عن عمرو بن العاص رضي الله عنه فإن هذا من الأمور الاجتهادية التي يعتبر هدي غيره مخالفاً لها؛ لأن ذلك لم يفعله أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، فهو رضي الله عنه قال: لَعَلِّي -يقول لمن خاطبهم بالبقاء عنده- استأنس بكم حتى أراجع رسل ربي. يعني الملائكة الذي يسألون الميت، فهذا مجرد اجتهادٍ منه رضي الله عنه، قد يوافق عليه وقد لا يوافق، ولكنه ليس على الصورة التي سأل عنها هذا السائل.