تفسير آيات من سورة النجم
مدة الملف
حجم الملف :
7754 KB
عدد الزيارات 2301

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فهذا هو اللقاء الحادي والسبعون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل يوم خميس وتسمى (لقاء الباب المفتوح) وهذا الخميس هو العشرون من شهر رجب عام 1418هـ. نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدنا أن نبتدئ به من تفسير القرآن الكريم.

وإني أحثكم أيها الشباب على الحرص التام على تدبر القرآن ومعرفة معانيه؛ لأن القرآن إنما نزل ليدبر الناس آياته وليتذكروا به. قال الله تبارك وتعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص:29] إذ لا فائدة بتلاوة اللفظ دون فهمٍ للمعنى؛ ولهذا سمى الله تبارك وتعالى الذين لا يعلمون الكتاب إلا قراءة سماهم أميين، فقال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة:78]؛ أي: إلا قراءة، ولذلك يجب علينا أن نتدبر القرآن، ثم بعد ذلك نعمل به؛ لأن العمل يتوقف على معرفة المعنى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة صغيرة له تسمى مقدمة التفسير قال: (إن الناس لو أرادوا أن يقرءوا كتاب الطب أو غيره لاستشرحوه قبل أن يعملوا به ويطبقوه)؛ أي: لطلبوا شرحه وفهم معانيه، وهذا حق. لذلك أحث إخواننا على تفهم القرآن الكريم، وإذا أشكل عليهم شيء فلا يجوز أن يقولوا في القرآن بالظن، بل يسألوا عنه؛ لأن القول بالقرآن خطير جداً، فإن من قال بالقرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. والمفسر للقرآن شاهدٌ على الله بأنه أراد كذا وكذا، فأعد لهذه الشهادة جواباً.

لذلك أنا حريصٌ على طلابنا أن يجتهدوا في معرفة معاني القرآن، وهذا أولى بهم من أن يعرفوا معاني السنة، وكلاهما حق وكلاهما يجب فهم معانيه، لكن القرآن أهم وأوكد؛ لأن القرآن يصلك بالله مباشرة; لأنك تقرؤه على أنه كلام الله تعالى. تتفهم معنى هذا كلام الرب سبحانه وتعالى وتتدبره؛ حتى تقوم به تصديقاً للخبر وعملاً بالطلب، أمراً أو نهياً.

تفسير قوله تعالى: ﴿إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى...﴾

انتهينا فيما سبق إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ [النجم:27] أكد الله هذا الخبر بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ﴾ أكده بمؤكدين وهما: إن، واللام. ومعنى: (لا يؤمنون بالآخرة) لا يصدقون بها ولا بما فيها من الثواب والعقاب؛ إذ أن الإيمان بالآخرة لا بد أن يكون إيماناً بأن هذا اليوم سيكون، وإيماناً بكل ما ثبت من حصوله فيه ووقوعه فيه، إما في القرآن وإما في السنة. حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله قال: (إن مما يدخل في الإيمان بالله واليوم الآخر الإيمان بما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذاب القبر ونعيم القبر). وصدق رحمه الله؛ لأن الإنسان إذا مات قامت قيامته، انتهى من الدنيا، كأن لم يكن. فكما أنه أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئا مذكوراً، فسيأتي عليه حينٌ من الدهر لم يكن إلا خبراً من الأخبار، كما قال الشاعر الحكيم في الدنيا:

بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً *** حتى يُرى خبراً من الأخبار

أنت الآن تخبر تقول: حصل كذا وحصل كذا، وقال فلانٌ: كذا، وفي يومٍ من الأيام سوف يخبر عنك: قال فلان كذا وأنت رمل. إذاً: الإيمان بالآخرة يتضمن الإيمان بوقوع اليوم الآخر وأنه لا بد كائن.

ثانياً: الإيمان بما سيكون في هذا اليوم من أهوال وحساب وموازين وصراط وجنة ونار، لا بد من هذا. كذلك يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بما يكون في القبر من فتنة القبر، وهي: سؤال الملكين الميت عن ثلاثة أشياء: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ هل أحد من الناس لا يؤمن بالآخرة! نعم أكثر الناس لا يؤمنون بالآخرة، حتى أن الله سبحانه وتعالى قال في الإنسان: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْأِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ۞ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس:77-78] ما أحسن قوله: (ونسي خلقه) قبل أن يقول مقالة هذا الإنسان! أي: هذا الإنسان قال: (من يحيي العظام وهي رميم) ونسي خلقه، ما هو خلقه؟ أنه لم يكن شيئاً، ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق:6] فصار عظاماً وعصباً ولحماً وصار إنساناً ينطق ويخاصم: ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ۞ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس:78-79] وذكر الأدلة على إمكان ذلك. المهم أن من الناس من ينكر اليوم الآخر يقول: ما في بعث. وهذا من سفه في عقله، وضلالة في دينه، وإلا فهل من الحكمة أن تخلق هذه الخليقة، وتبتلى بالأمر والنهي، ويحصل الجهاد وقتال الأعداء، واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم، ثم تكون النتيجة لا شيء، هذا لا يمكن، وتأباه الحكمة أشد الإباء. إذاً (الذين لا يؤمنون بالآخرة) سفهاء عقولاً، ضلالٌ ديناً. ﴿لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ ;أي: يجعلون الملائكة إناثاً كالمشركين! قالوا: الملائكة بنات الله، فسموا الملائكة بتسمية الأنثى وهي البنت؛ لأنهم لا يؤمنون بالآخرة، لو آمنوا بالعقاب ما قالوا هذا، لكنهم لا يؤمنون فيقولون ما يريدون.

تفسير قوله تعالى: ﴿وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً﴾ :

قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ [النجم:28] نفى أن يكون لهم بذلك علم؛ لأن هذا هو الواقع، هل شهدوا خلق الملائكة؟ لا; ولهذا قال الله في آية أخرى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ [الزخرف:19]! والجواب: لا، لكن: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ﴾ [الزخرف:19] حين لا يجدون جواباً، هؤلاء الذين قالوا: الملائكة بنات الله، يقول عز وجل: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [النجم:28] و(علم) هنا مجرورة بحرف الجر، وحرف الجر هنا عند المعربين محمود﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ﴾[النجم:28] حرف جرٍ زائد، الفائدة منها: توكيد النفي؛ ولهذا نعطيكم قاعدة مفيدة: جميع الحروف الزائدة سواء الباء أو اللام أو غيرها فإنها تفيد التوكيد ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ﴾[النجم:28]; أي: لا قليل ولا كثير؛ لأنهم لم يشهدوا خلقك لهم. إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ (إن) هنا بمعنى ما، والضابط أنها إذا جاءت (إلا) بعد (إن) فهي بمعنى (ما)، (إن هذا إلا بشر)؛ أي: ما هذا إلا بشر ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف:31] أي: ما هذا إلا ملك كريم ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [إبراهيم:10]؛ أي: ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية:24]؛ أي: ما هم إلا يظنون، والأمثلة على هذا كثيرة.﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾؛ أي: ما يتبعون إلا الظن، والمراد بالظن هنا الوهم الكاذب، وليس المراد بالظن هنا الراجح من أحد الاحتمالين، وانتبه لهذه النقطة: الظن يأتي بمعنى التهمة، ويأتي بمعنى رجحان الشيء، ويأتي بمعنى اليقين، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة:46] المراد اليقين، لا يكفي الظن في اليوم الآخر، لا بد من التيقن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب» والتحري هنا يعني: الظن الغالب، وهنا ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية:24] ظن الاتهام؛ أي: يظنون ظناً هو وهم ليس له أصل. وبعض العلماء أخذ من هذه الآية: أنه لا يجوز العمل بالظن في المسائل الفقهية وغيرها، وهذا خطأ؛ لأن كثيراً من المسائل الفقهية ظنية: إما لخفاء الدليل، أو خفاء الدلالة، وليس كل مسألة في الفقه يقول بها الإنسان على سبيل اليقين أبداً، بل بعضها يقين وبعضها ظن، والظن إذا تعذر اليقين مما أحله الله، ومن نعمة الله أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، فليس كل ظنٍ منكراً، لكن الظن الذي ليس له أصل يبنى عليه هذا هو المنكر. فهؤلاء الذين سموا الملائكة تسمية الأنثى هل لهم بذلك علم؟ أبداً. ظن مبني على وهم، وربما يكون مبنياً على هوى; أي: أنه لم يطرأ على بالهم أنهم إناث لكن تبعوا آباءهم. ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ (وإن الظن) أي ظنٍ هذا؟ المبني على الوهم لا على القرائن (لا يغني من الحق شيئاً); أي: لا يفيد شيئاً من الحق؛ لأنه وهم باطل، والوهم الباطل لا يمكن أن يفيد.

تفسير قوله تعالى: ﴿فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا﴾

ثم قال عز وجل: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النجم:29] (أعرض) الخطاب للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو المراد به كل من يصح أن يوجه إليه الخطاب، فعلى الأول يكون المعنى: اعرض يا محمد، وعلى الثاني: اعرض أيها الإنسان المؤمن. (عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا)؛ أي: اعرض عنه ولا تتبعه، ولا يهمنك أمره، وليس المعنى: اعرض عنه لا تنصحه. لا؛ لأن التذكير واجب، قال الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات:55] ذكر كل أحد، فمن الناس من ينتفع ومنهم من لا ينتفع، والذي ينتفع هو المؤمن، فعلى هذا نقول: معنى (اعرض)؛ أي: لا تبالِ به ولا يهمنك أمره، ولا تتحسر من أجل توليه، بل ادع إلى سبيل الله عز وجل أياً كان. لكن من أعرض وتولى لا يهمك أمره. (اعرض عن من تولى عن ذكرنا) وهو القرآن، ويحتمل أن يكون الذكر بمعنى التذكير؛ أي: عن تذكيرنا، وكلا المعنيين متلازمان وصحيحان (اعرض عن من تولى عن ذكرنا) عن القرآن، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف:44] . ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس:69] أو أن المعنى: (عن ذكرنا)؛ أي: عن تذكيرنا، بالمواعظ التي ينزلها الله عز وجل. ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ اللهم أعذنا من فتنة الدنيا؛ أي: لا يريد الآخرة ولا يهتم بها، همه الدنيا من المركوب والملبوس والمسكون، فاتبعوا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين، لا يهتم بالآخرة. أهم شيء عنده هي الدنيا، أما ذكر الله (القرآن) أو تذكير الله فإنه متولٍ منه -والعياذ بالله- نسأل الله السلامة والعافية. ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ ولكن انظر (الحياة الدنيا) وصف هذه الدنيا من الدنو وهو القرب؛ وذلك لانحطاط مرتبتها، ولسبقها على الآخرة؛ لأن الدار الدنيا هي أول دار ينزلها الإنسان، وهي سابقة في الزمن على الآخرة، فهي دنيا -أي: قريبة- وهي أيضاً دنيا من حيث المرتبة ليست بالشيء بالنسبة للآخرة; ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: «لموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها» اللهم اجعل لنا موضعاً فيها، خير من الدنيا وما فيها، ليست خيراً من الدنيا التي أنت فيها فقط، بل خير منها منذ أنشأت وخلقها الله إلى أن تفنى، موضع السوط الذي يكون بقدر المتر في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، إذاً؛ هي دنيا؛ ولهذا إذا مات الإنسان وهو مؤمن -جعلنا الله وإياكم منهم- ثم حمل من بيته الذي يسكنه ويأوي إليه، وفيه أهله وماله وحشمه إذا خرج تقول روحه: قدموني قدموني. لماذا؟ لأن ما ستذهب إليه خيرٌ مما تخرج منه، قال الله تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۞ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى:16-17] لكن لمن؟ ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾ [النساء:77] لكنها شرٌ لمن لم يتق. يذكر أن ابن حجر العسقلاني رحمه الله وقد كان رئيس القضاة في مصر ، مر يوماً من الأيام في موكبه على العربة تجره البغال وحوله الجنود برجلٍ يهودي زيات -يبيع الزيت- قد تدنست ثيابه بالزيت، وشقي في طلب المعيشة، فأوقف اليهودي الموكب، وقال لابن حجر: إن نبيكم يزعم أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فكيف يتفق هذا الحديث مع الواقع! أنت الآن مؤمن وهو يهودي، وأيهما أشقى؟ اليهودي في هذه المسألة أشقى فكيف يتفق مع الواقع! فقال: نعم، ما أنا فيه الآن بالنسبة للآخرة سجن؛ لأن الآخرة خير لمن اتقى، وما أنت فيه من الآخرة جنة؛ لأن الآخرة مالك فيها إلا النار وبئس القرار، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. انظر كيف فتح الله عليه حيث ظهر صدق كلام الرسول عليه الصلاة والسلام بكل سهولة.

المهم أن الآخرة خيرٌ من الدنيا وما فيها؛ ولهذا ذم الله هذا الذي أعرض عن ذكر الله ولم يرد إلا الحياة الدنيا، ولنسأل: هل من أراد الحياة الدنيا تحصل له؟ الجواب: لا تحصل له، قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ﴾ [الإسراء:18] ليس ما يشاء بل ﴿مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً ۞ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾ [الإسراء:18-19]، وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ﴾[الشورى:20] لأنه يعطى الدنيا والآخرة ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا بعضها ليس كلها وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى:20].