تفسير سورة الفاتحة - 2
مدة الملف
حجم الملف :
86824 KB
عدد الزيارات 5169

إذن ليس لك الحق في أن تتصرف في شيء من بدنك، ولو بعد موتك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» أخرجه أبو داود بسند صحيح، ولكن مع ذلك نحن نقول: ما دامت المسألة قد صدر فيها فتوى من أهل العلم في بلادنا فهذه مسائل اجتهادية، فمن تبيَّن له الحق فليتبعه ولا يماري بها بأحد خالفه اللهم إلا أن يكون في المسألة إجماع فإن إجماع الأمة معصوم.
الطالب: أثابكم الله، فضيلة الشيخ، اعتاد الناس بعد صلاة العيد أن يعانق بعضهم بعضًا حتى ولو أتوا سويًّا، فما حكم ذلك؟
الشيخ: هذا ليس من السنة، ولا أعلم في ذلك سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن الصحابة، وأظن أن هذا من الأمور المعتادة، وليس من أمور التعبد، فإذا تعانق الناس بعضهم مع بعض أو تصافحوا وهنَّأ بعضهم بعضًا، فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس، وأما التقبيل فهذا لا أصل له وليس بمشهور، ولا يُشرع التقبيل إلا لسبب كقدوم من غيبة، أو رحمة بمريض أو ما أشبه ذلك، وأما بدون سبب فهذا ليس بمشروع ولهذا لا يشرع لك كلما لاقيت صاحبك قبلته، هذا غير مشروع.
الطالب: وما حكم زيارة المقابر يوم العيد؟ وما حكم المعانقة داخل المقبرة؟ وما حكم؟
الشيخ: داخل المقبرة يعني عند الدفن.
الطالب: عند الدفن، وما حكم قول: أقامها الله وأدامها ما دامت السماوات والأرض بعد الإقامة؟
الشيخ: زيارة المقابر في يوم العيد لا أصل له أبدًا، وليس بمشروع، ومن اعتقده سنة فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه، ولهذا ينبغي أن ينصح بعضنا بعضًا في هذه المسألة، وإذا رأينا من يخرج إلى المقابر يوم العيد قلنا له: يا أخي، هذا ليس بمشروع ولا تفعله؛ لأنك إذا فعلت ذلك اعتقد الناس أنه سُنّة، وليس بسنة، والعادات في العبادات غير مقبولة مرفوضة؛ يعني العادات فيما يقصد به التعبد مرفوضة حتى يثبت أنه عبادة، وزيارة القبور من العبادات ولَّا من العادات المحضة؟
الطالب: من العبادات.
الشيخ: من العبادات؛ يعني الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بها، فإذا كانت من العبادات فلننظر هل كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان يوم العيد خرج إلى المقابر يزورها؟
لا، ولا أمر بت، ولا أرشد الأمة إلى ذلك، كان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بزيارة القبور، ويخرج إليها يزورها حتى أحيانًا يزورها في الليل، فهذه أنا أرجو منكم بارك الله فيكم أن لا تخرجوا للمقابر يوم العيد لزيارتها، وأن ترشدوا من فعل ذلك وتقولوا: هذا يا أخي ليس بسنة، لا تتعب بدون فائدة أو بما فيه ضرر عليك، وأما المعانقة بعد الدفن فهذه أيضًا بدعة لا أصل لها ولا وجه لها إطلاقًا حتى إن في نفسي شيئًا من المصافحة عند التعزية؛ لأن الإنسان قد يكون جنبك ما راح تتلاقيه، أما لو لاقيت أخاك المؤمن صافحه، لكن أنت إلى جانبه، ثم إذا دُفن الميت ذهبت تصافحه، لا أعلم لها أصلًا، أما المعانقة والتقبيل فلا أصل لها إطلاقًا ويُنهى عنه، واعلم أن التعزية تكون قبل الدفن وبعد الدفن، خلافًا لمن ظن من العوام أنها لا تكون إلا بعد الدفن؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام عزّى ابنته قبل أن يموت طفلها، أرسلت إليه إحدى بناته إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلبه أن يحضر؛ لأن طفلها- كان ابنًا أو بنتًا- كان في سياق الموت فجاء الرسول إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بدعوة ابنه إليه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام للرسول شوف ألفاظ التعزية العظيمة أحسن من اللي إحنا نقوله، قال النبي عليه الصلاة والسلام للرسول: «مُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبْقَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى» الله أكبر ما أعظم هذا الكلام! «فَلْتَصْبِرْ» تحبس نفسها عن التسخط، لا تشق الجيوب، ولا تلطم الخدود، ولا تنتف الشعور، ولا تتضجر «وَلْتَحْتَسِبْ» وأيش معنى تحتسب؟ يعني ترتقب الأجر من الله عز وجل إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: ١٠] شوف ها الكلمات «فَإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبْقَى» صدق الرسول عليه الصلاة والسلام، الكون لمن؟
الطالب: لله.
الشيخ: لله عز وجل، له ما أخذ وله ما أبقى، والمقادير التي تقع تقع عفوًا هكذا مصادفة؟ أجيبوا.
الطلبة: لا.
الشيخ: لا، وكل شيء عنده بأجل مسمى، لا يتقدم ولا يتأخر.
وأنا أذكر لكم قصتين أُخبرت بهما ممن أثق به تدل على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حدثني رجل؛ أحد الأئمة عندنا ثقة ثقة ثقة رحمة الله عليه قال: سافرنا إلى الحج على الإبل، ولما رجعنا من مكة مرضت أم واحد منا، يقول: فنزلنا بين الجبال في الريع، تعرفون الريع؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: بين الجبلين؛ يعني مجرى شعيب بين جبلين، نزلنا في آخر الليل ونمنا، ولما أصبح الصباح مشينا، هذا الرجل اشتغل بأمه يصلح الرحل لها ومشى الناس، الريعان تخفي الإنسان، لما أصلح الرحل لأمه أركبها على البعير وذهب يقود بها، أخطأ، ضل الطريق؛ لأن الناس في الريعان يختفوا عن بعض، ضل الطريق، فسلك طريقًا يظنه الطريق الذي يُوصل إلى أصحابه، سلكه مشى مشى حتى ارتفعت الشمس ما وجد أصحابه، فإذا خباء صغير عنده ناس ساكنين بدو من التعب نزل هو وأمه وسألهم عن الطريق، قالوا: الطريق وراءك، لكن استرح شوية أنت ويا المرأة اللي معك، يقول: لما أنزلتها على الأرض قبض الله روحها، الله أكبر! من يتصور أن هذا الرجل يأتي من القصيم ولا تموت أمه إلا في هذه الشعاب؟! لكن وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان: ٣٤].
المثال الثاني: في أحد الأسواق أحد تقاطع الأسواق كان طالبانِ خرجا من المدرسة قبل ثلاث سنوات، وفيه سيارة تبّي تعبر، تعرفون طريق التقاطع، كل واحد منهم وقف، الطالبان اللذان عند الباب وقفا وصاحب السيارة وقف يريد كل واحد منهما أن يعبر الآخر، في ثانية أو ثانيتين تحرك الطالبان وفي نفس الوقت تحركت السيارة من الجانب الآخر، فصدمت السيارة الطالب المؤخر ومات في الحال، الله أكبر!!
يعني ثوانٍ لأجل أن يبقى هذا الإنسان حتى ينتهي أجله، فأقول: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُوقال النبي عليه الصلاة والسلام: «كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى» . انتبه للتعزية المفيدة الواردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام كيف تقول عند العزى إذا أردت أن تعزي شخصًا تقول: اصبر واحتسب؛ فإن لله ما أخذ وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
فيه الآن عبارة عند الناس ذكرها الفقهاء رحمهم الله يقولون: أعْظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك. هذا طيب، لكن الألفاظ الواردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام أطيب وأنفع وأنجى وأبلغ.
نحن نقول: إن التعزية نوع من العبادة في الواقع؛ لأن فيها إحسانًا إلى المصاب وتقوية له على تحمل المصيبة فلا تفعل فيها ولا تقل، فلا تفعل فيها إلا ما ورد به الشرع.
أما السؤال الثالث:
الطالب: بعد الإقامة..
الشيخ: أعطني السؤال الثالث قبل ما تنفد الأسئلة هذه.
الطالب: هو نفسه أقامها الله وأدامها.
الشيخ: إيه، ما حدن بيقول: وأقيموا الصلاة!
الطالب: لا.
الشيخ: أما قول الناس عند إقامة الصلاة (أقامها الله وأدامها)، هذا مبني على حديث ورد في ذلك، لكن ما فيه ما دامت السماوات والأرض، ومع ذلك فالحديث ضعيف، ولهذا الصواب أنك لا تجيب المقيم، تجيب المؤذن، ولا تجيب المقيم؛ لأن الحديث الوارد في ذلك ضعيف والأعمال لا تُبنى على الأحاديث الضعيفة كما أن بعض العوام إذا قال الإمام: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: ٥] يقولون: استعنا بالله، لا تقل هذا، هذا ما ورد فيه، ما كان الصحابة يقولون خلف نبيهم، ثم إن قراءة الإمام سوف تؤمِّن عليها أنت، فكأنك أنت قلت: إياك نستعين، وإياك نستعين أبلغ من استعنَّا بالله.
من اللي يعرف البلاغة علشان يبين لنا أنها أبلغ؟ إياك نستعين أبلغ من استعنا بالله، لأيش؟
أبلغ من وجهين أولًا: أن إياك ننستعين فيها تقديم المعمول (إياك) قال العلماء: وتقديم المعمول يدل على أيش؟ على الحصر والاختصاص كأنك قلت: لا نستعين إلا إياك.
الوجه الثاني: كلمة (استعنا بالله) فعل ماضٍ، لكن (نستعين) فعل مضارع يدل على الاستمرار، والإنسان مستعين بالله دائمًا وأبدًا، فلهذا لا حاجة أن تقول استعنا بالله، استمع لقراءة إمامك، ولا تتكلم بشيء أنت مأمور بالإنصات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام فإذا قال وَلَا الضَّالِّينَقل: آمين.
الطالب: هذا سائل يسأل ويقول: كثيرًا ما يقوم بعض المزارعين ببيع القمح قبل توريده للصوامع على أن يكون دخوله على الصوامع باسم البائع والثمن يقبضه المشتري، وبالتالي يدفع المشتري ثمن القمح سلفًا للبائع؟
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
هذه العملية لا تجوز؛ لأنه لا يجوز أن يُقدم القمح ومالكه بشخص باسم شخص آخر؛ لأن في ذلك وقوعًا في كذب، فالقمح بعد أن بيع على فلان ليس ملكًا لفلان الآخر، وفيه أيضًا خيانة للدولة؛ لأنه أدخل عليها باسم شخص وهو لغيره، وفيه أكل للمال بالباطل؛ لأن الكسب الذي يحصله المشتري حصل بطريق محرَّم، وكل كسب بطريق محرم فإنه أكل للمال بالباطل، والرابع من المفاسد أن الشعب يكون إذا سلك هذه المسالك الملتوية يكون شعبًا حيوانيًّا، ليس له هم إلا المكسب الدنيوي فقط، لا يخشى الله عز وجل، ولا ينظر للآخرة، وكأنما خلق للمال، والحقيقة أن المال خُلق لنا، لم نُخلق له، فمن عذب نفسه بالمال تعذب، ومن سخر المال لمصالحه يسر الله له أمره، والله عز وجل يقول: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: ٢٩] ولم يقل: خلقكم لما في الأرض، وإنما خلقنا الله عز وجل لعبادته وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦]. فأنا أحذر إخواني المسلمين من مثل هذه الأعمال التي يكتسبون بها المال عن طرق محرم لما في ذلك من الضرر عليهم في معاشهم ومعادهم.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يسأل ويقول: ما حكم التفريق بين تكبيرات الصلاة مدًّا وقصرًا بغية إفهام المأمومين بالفعل الذي يعقب التكبير؟
الشيخ: حكم هذا لا أصل له في السنة، فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفرق بين التكبيرات، ولا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بذلك، وغاية ما اطلعت عليه من كلام الفقهاء أن بعضهم قال: ينبغي أن يمد التكبيرة في الانحطاط من القيام إلى السجود، وفي القيام من السجود إلى النهوض إلى القيام، قالوا: لأن ما بين هذين الركنين طويل فيمد التكبير حتى يستوعب زمن النهوض وزمن الانحطاط، ومع ذلك فقد قالوا هذا عن غير برهان من السنة وإنما قالوه اجتهادًا، يعني يقول: إذا أردت تسجد تقول: (الله أكبر) علشان تبدأ بالتكبير أول ما تهوي وينتهي عند الوصول إلى الأرض، وإذا رفعت من السجود قل (الله أكبر) علشان تبدأ من السجود بالتكبير من وقت (...) السجود، وينتهي بانتهاء الوقوف، أو بالوصول إلى الوقوف، ولكنهم مع ذلك إنما قالوه اجتهادًا فقط، وما دام هذا الأمر قد جاءت به السنة؛ أي قد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكبر ولم يُنقل عنه أنه كان يفرق بين التكبيرات فإن السنة عدم التفريق.
وفي عدم التفريق بين التكبيرات مصلحة عظيمة للمأموم؛ لأن المأموم يحط باله وينتبه للركعات، لكن إذا كان يتابع الإمام بحسب تكبيراته صار كالآلة الميكانيكية، يمشي وراء هذا التكبير والله ما يدري هي الأولى ولا الثانية، أما إذا صار الإمام لا يفرق تجد الواحد يحط باله تمامًا؛ لأنه يخشى أن يقوم في موضع الجلوس أو أن يجلس في موضع القيام أمام الناس فيفشل، ولهذا رأيت فيها فائدة، أنا كنت أول إمامتي أفرق بين التكبير جريًا على عادة الناس، ولكني نبَّهني بعض الإخوة جزاه الله خيرًا من الإخوة المعتنين بالحديث، وقال لي: يا أخي، وأيش دليلك على هذا؟ جب لي دليل ولَّا لا تفعل، فلما قال لي: هكذا الحقيقة أنه خصمني، ما استطعت أن أجيبه على ذلك، فقلت: جزاك الله خيرًا، أنا إن شاء الله لا أفرق بعد هذا، فلما صليت أول ما صليت ولم أُفرق سبّح بي المأمومون قالوا: سبحان الله! لأن من عادتهم أننا نفرق، لكن مرتين أو ثلاثًا زال هذا، وعرفوا أنه لا تفريق، وصار كل واحد يحاسب ألف حساب ليروح يسهو في صلاته حتى يخطئ بين الناس، وربما يُستدل لذلك بأن الرسول لا يفرق بين التكبيرات أنه لما صُنع المنبر له صار صلى الله عليه وسلم يقوم على المنبر فيقرأ ويركع على المنبر، فإذا أراد أن يسجد نزل من المنبر وسجد في الأرض فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» أما قوله: «لِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» فهذا نعم كلما ارتفع الإنسان وبان للمأمومين يتعلمون أكثر لكن «لِتَأْتَمُّوا بِي»؟ دليل على أنه لا يفرق بين التكبير وإلا لكان الائتمام بالتفريق بين التكبيرات، الله أعلم.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: بعض الناس يخصص يوم الجمعة لزيارة القبور، فهل لهذا أصل في الشرع؟
الشيخ: أما تخصيص يوم الجمعة بزيارة القبور فلا أعلم له أصلًا من الشرع، لكن بعض الفقهاء رحمهم الله قالوا: ينبغي أن تكون الزيارة يوم الجمعة، وبعضهم قال أيضًا: يوم الجمعة قبل طلوع الشمس، لكنه لما لم يكن لهذا القول شيء من الأثر فإنه لا ينبغي أن يُعمل بت، وأن تكون زيارة القبور كل وقت، ولهذا كما أشرت إليه قبل الصلاة زار النبي عليه الصلاة والسلام المقبرة ليلًا كما في حديث عائشة الطويل .
الطالب: شكر الله لكم، وهذا يقول: نسمع كثيرًا عن رفع اليدين بالدعاء بعد النافلة ومسح الوجه بعد الدعاء، فما حكم ذلك أثابكم الله؟
الشيخ: أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء سواء كان بعد النافلة أو في مكان آخر فهذا وردت فيه أحاديث، لكن هذه الأحاديث طرقها كلها ضعيفة، كلها ضعيفة، فمن أهل العلم من قال: إن مجموع هذه الطرق الضعيفة يُلحق الحديث بالحسن ويسميه أهل الحديث يسمونه حسنًا لغيره؛ يعني لا لذاته، وعلى هذا مشى ابن حجر كما في بلوغ المرام.
ومن العلماء من قال: إن هذه الأحاديث الضعيفة لا تنجبر بكثرة طرقها لشدة ضعفها، وممن ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إنه لا يسن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء. وهذا أولى أن لا تمسح؛ لأن هذا لو كان سنة لكان مشهورًا ومعروفًا، وأما رفع اليدين بالدعاء فهذا لا أصل له أيضًا بعد السنة ولا بعد الفريضة، وغاية ما ورد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ وَأَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ» وكلمة أدبار، هل المراد أدبارها آخرها، أو المراد أدبارها ما بعدها؟
فمن العلماء من يقول: إن أدبار الصلوات ما بعدها، ومنهم من يقول: إن أدبار الصلوات آخرها، ومع ذلك فإنه لم يرِد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه في الدعاء لا بعد الفريضة ولا بعد النافلة، ولو كان خيرًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إما بقوله أو بفعله أو يسَّر الله تعالى من يفعله من الصحابة في زمنه أو في حال رؤيته حتى تثبت مشروعيته، ولكن الذي يترجح عندي أن أدبار الصلوات إن كان المعلق بالأدبار ذكرًا فهو بعدها، وإن كان المعلق بالأدبار دعاء فهو قبل السلام؛ الدليل: لأن الذكر أمر الله به بعد الصلاة قال: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [النساء: ١٠٣] والدعاء أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قبل السلام في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد قال: «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» .
وعلى هذا فنقول: ما ورد من الدعاء مُقيدًا بأدبار الصلوات نحمله على ما قبل السلام؛ لأنه محل الدعاء، وما ورد من الذكر مُقيدًا بأدبار الصلوات نحمله على ما بعد السلام؛ لأن هذا هو الذي أمر الله به في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء: ١٠٣]؛ ولأن المعنى يقتضي أن يكون الدعاء قبل السلام؛ لأن الإنسان قبل أن يُسلم لا زال بين يدي الله عز وجل، فإذا انصرف من صلاته انصرف، فهل الأولى أن تناجي ربك في الدعاء وأنت تناجيه في صلاتك أو بعد أن تنصرف؟
الطالب: في الصلاة أولى.
الشيخ: في الصلاة أولى، إي نعم.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: سمعنا أن فضيلتكم توصل إلى تصحيح تمام الدعاء بعد الأذان: «إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» فهل ذلك صحيح؟
الشيخ: نعم، صحيح، صححته أنا وغيري، أنا ما يعني، لا أقول صححته، لكن صححه غيري من أهل العلم الذين هم أعلم منا بالحديث، وقد نُوقش من قال إنه ضعيف نوقش أمامي، ولم يستطع أن يجيب عن النقاش؛ لأن الذي قال: إنه ضعيف اشتبه عليه أحد الرواة؛ ففيه راوٍ يُطلق أو فيه اسم راوٍ يطلق على رجلين أحدهما ضعيف والثاني ثقة، وهذا الذي ضعفه ظن أن الاسم يراد به الرجل الضعيف فضعفه من أجل ذلك، والذين صحَّحوه قالوا: إن هذا الرجل الذي توهمته ليس هو المقصود في السياق، ولهذا كانت هذه اللفظة الصحيحة.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: شخص باع نخله على شخص، وظن كل منهما أن الآخر زكَّى الثمرة وبعد عام تبين أنهما لم يُزكِّياه، فهل الزكاة على البائع أو المشتري؟ وهل يدفع نقودًا مكان الثمرة؟
الشيخ: الزكاة على البائع؛ يعني الثمار إذا بِيعت وهي مما تجب فيه الزكاة فإن الزكاة على البائع؛ لأنه بدا الصلاح في ملكه، وإذا بدا صلاح الثمر وجبت الزكاة فيه، وعلى هذا فنقول في جواب هذا السؤال: يجب على البائع أن يُزكيه يزكي ثمر نخله الذي باعه، وكيف يزكيه؟ يُخرج نصف عُشره إذا كان يُسقى بالمكايل أو بالسواني، أظن أن السواني ما هي موجودة هنا.
الطلبة: (...).
الشيخ: إذن بالمكايل، يخرج نصف العشر، كم نصف العشر بالنسبة للمئة؟ أيها الحُسّاب، كم نصف العشر بالنسبة للمئة؟
طالب: عشر الربع.
الشيخ: لا يا شيخ، عشر الربع، خمسة فـي المئة، ربع العشر بالنسبة للمئة خمسة بالمئة. وإذا كان يسقى سيحًا أو من البعور التي تكون في (...) ولا غيرها؟
طالب: عُشرها.
الشيخ: كم يجب؟ العشر، كم العشر بالنسبة للمئة؟
طالب: عشرة.
الطلبة: عشرة في المئة.
الشيخ: عشرة فـي المئة، فإذا كان قد باع بعشرة آلاف وهو مما يُسقى بالمكايل كم يخرج؟
طالب: خمس مئة.
الشيخ: خمس مئة، إذا باع بعشرة آلاف يخرج خمس مئة، إذا كان يُسقى بعلًا كم يخرج؟ يخرج ألفًا؛ لأنه العُشر.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: هل هناك سنة خاصة في زيارة القبور المعينة؛ كأن يزور المسلم المقبرة ويزور قبر أبيه أو أمه زيارة خاصة ويدعو له؟
الشيخ: لا أعلم في هذا سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن عمل المسلمين ما زال مستمرًّا يزورون قبر النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبيه وهو من القبور الخاصة، ويزورون أقاربهم ويدعون لهم وهو من الأشياء من القبور الخاصة، أما الذي اشتهرت به السنة فهي زيارة القبور على سبيل العموم لتذكر الإنسان بالآخرة، كيف تذكره بالآخرة؟ هؤلاء الجماعة الذين تشاهدهم الآن تشاهد قبورهم كانوا بالأمس على ظهر الأرض يمشون كما تمشي ويأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب، ويلبسون كما تلبس، ويتنعمون بأهلهم كما تتنعم وهم الآن أصبحوا رهنًا في قبورهم بأعمالهم ما يستطيع الواحد أن يزيد حسنة في حسناته، ولا أن ينقص سيئة من سيئاته، هؤلاء القوم كل واحد منهم حينما لا يظن أنه يموت إلا بعد مدة طويلة، ولكن يخونه الأمل أفلا يحصل لقلبك تذكرة بذلك؟
يحصل، كانوا بالأمس يمشون معك والآن في قبورهم لماذا تتذكر؟ لأجل أن تعمل لهذا اليوم الذي ستكون مثل هؤلاء، أنت اليوم تزورهم وغدًا يزورك الناس، فانتبه لهذا يا أخي واغتنم الفرصة ما دُمت باقيًا في زمن المهلة، واعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت إذا ماتَ خَرَجَ معَهُ ثلاثَةٌ: مالُهُ، وأهلُهُ، وعملُهُ، فيَرجعُ اثنَانِ ويَبقَى واحدٌ؛ يرجعُ مَالُهُ وأهلُهُ ويَبقَى عملُهُ فاستعد لذلك يا أخي، ثم مع هذا ادعُ لهؤلاء الإخوة: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: هل نزل شيء من القرآن بغير واسطة جبريل عليه السلام، وما الموقف من الحديث الصحيح الذي معناه أن جبريل عند الرسول صلى الله عليه وسلم فرأى بابًا في السماء انفتح فنزل منه ملك بأم الكتاب وخواتيم البقرة ؟
الشيخ: هو الأصل أن الذي نزل بالقرآن جبريل عليه الصلاة والسلام كما قال الله تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [النحل: ١٠٢] وكما قال تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥] فإذا وردت أحاديث صحيحة أن بعض الآيات نزل بها غير جبريل فإنها تكون مُخصِّصة لهذا العموم، وتخصيص العمومات من الكتاب والسنة أمر وارد كما يعرفه من تتبعه وإلا فالأصل أن جبريل عليه الصلاة والسلام هو الذي نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة: ٩٧].
الطالب: أثابكم الله، وهذا سائل يسأل ويقول: كثير من الشباب يتساهل في حلق اللحية أو بعضها وتطويل الثياب، فما توجيهكم لأولئك لكي يُقلعوا عن هذه المخالفة التي ابتُلي بها كثير من المسلمين هداهم الله؟
الشيخ: الحمد لله أن السائل لم يقل أكثر الشباب، وإنما قال كثير من الشباب، وفرق بين كثير وأكثر، وأنا معه في هذا؛ أن أكثر الشباب- ولله الحمد- ملتزم في أخلاقه وفي عباداته وفي عاداته أيضًا، وهؤلاء الذين أشار إليهم من الشباب هم الآن- ولله الحمد- قلة، ونسأل الله تعالى أن يهديهم حتى يتبعوا ما هو الحق وما ذلك على الله بعزيز، والإنسان إذا نظر إلى أين يذهب إذا خالف طريق النبي عليه الصلاة والسلام وما أرشد إليه فإلى أين يذهب؟ إلى طريق المغضوب عليهم والضالين؟! سبحان الله! حلق اللحية من أعمال مَن؟ المشركين والمجوس، إعفاء اللحية من هدي مَن؟ المرسلين والصديقين والشهداء والصالحين. كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ قد ملأت من هذا إلى هذا؛ نحره عليه الصلاة والسلام، وقال هارون لأخيه موسى يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي [طه: ٩٤] لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِيإذن له لحية ولَّا لا؟ نعم، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن اللحية من الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، إذن فاللحية فطرة، اللحية سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللحية مخالِفة لسبيل مَن؟
الطالب: سبيل المرسلين.
الشيخ: اللحية مخالفة لسبيل من؟ اللحية مخالفة لسبيل من؟
الطالب: لسبيل اليهود.
الشيخ: المشركين والمجوس، اللحية تغيير لخلق الله غير مأذون فيه، حلق اللحية تغيير لخلق الله غير مأذون فيه، يكفي واحدة من هذا يحمل المؤمن على إعفاء لحيته من الذي قال: «خَالِفُوا الْمَجُوسَ؛ أَعْفُوا اللِّحَى وَحُفُّوا الشَّوَارِبَ». ؟
الطالب: الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: من الذي قال؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، قل لي بالله عليك لو كان محمد رسول الله أمامك الآن يقول: خالف المشركين، أعفِ اللحية وحُف الشارب، هل يمكنك أن تخرج أمامه حالقًا لحيتك بعد أن قال لك ذلك ولَّا لا؟
طالب: لا.
الشيخ: ما دمت مؤمنًا به تمام الإيمان ما يمكن تفعل هذا أبدًا، تستحي على الأقل أن رسول رب العالمين وإمامك الذي ترجو الله أن تحشر في زمرته يوم القيامة يقول لك ها الكلام وتخرج مخالفًا له عاصيًا له، حلق اللحية اتباع غير سبيل المؤمنين وعصيان لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: ١١٥] وهذه الآية وإن كانت نزلت في المشاقة التامة التي تؤدي إلى الكفر، لكن كل من خالف الرسول في أمر فله نصيب مما يستحقه من هذه الآية الكريمة، ولست أريد أن أطبق هذه الآية على حالق اللحية، لا تذهبوا غدًا تقولون: ابن عثيمين يقول: حالق اللحية يصلى جهنم، لكني أقول: أي إنسان يخالف الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين فله من هذه الآية نصيب، والله عز وجل أحكم الحاكمين يجازي كل إنسان بما يستحق، ثم إن حالق اللحية يمشي بين المؤمنين يقول للناس: اشهدوا على أنني عاصٍ للرسول. أقول: حالق اللحية يمشي بين الناس يقول: اشهدوا أني عاصٍ للرسول، قد تقول لي: أنا دائمًا يمر بي ناس حالقين لحاهم ما هم بيقولوا: اشهد إني عاص، صح ولَّا لا؟ ولكن هذا إشهاد بالفعل هم يُشهدونني على أنفسهم بماذا؟
الطالب: بفعلهم.
الشيخ: بفعلهم، صحيح ما يقولون: إني عاصٍ، لكن فعلهم هذا معناه شهادة أنهم مخالفون للرسول عليه الصلاة والسلام. الشهادة بالفعل ممكنة ولَّا لا؟ الشهادة تكون بالفعل وتكون بالقول؛ قال الله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: ١]، هذا قول ولَّا فعل؟ هذا قول، لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ [النساء: ١٦٦] هذا قول أيضًا، لكن تأييد الله للرسول عليه الصلاة والسلام، وإظهار دينه على الأديان كلها شهادة بماذا؟ بالفعل، شهادة بالفعل، شهد الله أن رسوله حق ودينه الحق؛ لأن الله أظهره. يقال: قد تكون الشهادة بالفعل في التأييد وقد تكون الشهادة بالفعل في التنديد والإبطال.
ذكر بعض المؤرخين أن مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: إنه رسول الله، جاءه قوم من أتباعه وقالوا له كذبًا وزورًا: يا رسول الله، هذا الصبي عندنا رأسه بعضه محلوق، بعضه ما فيه شعر وبعضه فيه شعر، امسح عليه لعل الله أن ينبت شعر رأسه كله، فمسح على رأسه، فسقط الشعر الموجود، هذه شهادة بأيش بالتأييد ولا بالتنديد؟ تأييد أنه رسول ولا تكذيب؟
طالب: تكذيب.
الشيخ: تكذيب، هم جايبينه علشان إذا مسح رأسه يطلع الشعر اللي ما نبت، وهذا لما مسح رأسه سقط الموجود.
وفيه أيضًا قصة أخرى يقولون: إنه جاءه صاحب بئر وقال له: إن بئري قد نقص ماؤه، وكان قد سمع أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاؤوه في صلح الحديبية وقالوا: إن البئر ناقصة فأخذ ماء فتمضمض به فمجه في البئر فصعد الماء؛ آية للرسول عليه الصلاة والسلام تأييد، مسيلمة الكذاب قال له: أنا آتيك، فجاء إليه فأخذ ماء فتمضمض به ومجه في البئر التي فيها ماء قليل، ولما مجه في البئر غار الماء كرامة ولا إهانة؟
الطالب: إهانة.
الشيخ: إهانة وتكذيب، هذه الشهادة وأيش نسويها بالفعل ولا بالقول؟
الطالب: بالفعل.
الشيخ: شهد الله بأنه كاذب بماذا؟
طالب: بالفعل.
الشيخ: بالفعل؛ لأن الله قدر شيئًا يدل على كذبه، أقول: إن حالق اللحية إذا مر بنا وقد حلق لحيته فإنه يُشهدنا بفعله على أيش؟ على أنه عاص للرسول عليه الصلاة والسلام، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
الطالب: آمين يا رب.
الشيخ: ثم ماذا يستفيد من حلق لحيته؟ يمكث ولد، ولَّا يبقى على شيخوخته؟ أجيبوا يا إخوان؟
الطالب: يبقي على شيخوخته.
الشيخ: لو كان الإنسان إذا حلق لحيته رجع شابًّا لكان قول الشاعر:

أَلَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا فَأُخْبِرَهُ بِمَـــــــا فَعَـــــــلَ الْمَشِيـــــــــبُ

ممكنا ولَّا غير ممكن؟ لكان ممكنًا؛ لأني قلت لواحد: احلق لحيتك وتصير شاب، وهذا لا يمكن، ولكنه يستفيد من ذلك مخالفة طريق الرسل وموافقة طريق المشركين والمجوس، ثم إنه ليأخذني العجب يا إخواني أن يظهر قوم على دينهم وعلى عاداتهم بما يسمى (الخنافس)، والحمد لله الناس دول الخنافس الحقيقية ما هي موجودة في الدور الآن، لكن هؤلاء وُجدوا بيننا الخنافس، يخلي الإنسان رأسه ويخلي عوارضه والله ما أدري كله ولا بعضه.
الطالب: ما يخلي، بسيط..
الشيخ: ما يخلي العوارض والباقي يحلقه، خرجوا عن أيش؟ عن عادات الناس وعن السنة، ولم يبالوا بذلك مع أنهم قلة؛ يعني هم عندهم عزم أكثر من عزم من يريد السنة في إبقاء اللحية، كيف هذا يكون عنده عزم في باطل خرج به عن السنة وعن العادات وأنت أيها المؤمن الشاب ما يكون عندك عزم على موافقة الرسول عليه الصلاة والسلام؟
ولكني أبشركم- والحمد لله- أن هؤلاء القوم الآن أصبحوا قلة، أصبحوا قلة ولله الحمد؛ لأنهم عرفوا إلى أين يتجهون، فصار الناس الآن بين حالق للحيته كلية وبين حالق لأكثرها ولم يُبقِ منها إلا الذقن، وبين متمسك بالسنة لم يصبها بسوء، ولكنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أَعْفُوا اللِّحَى» فقال: سمعًا وطاعة لرسول رب العالمين وإمام المتقين.
الطالب: أثابك الله، وهذا يطلب من الشيخ مطلبًا ونحن أيضًا نطالبه به جزاه الله خيرًا يقول.
الشيخ: هذا فرق بين الطلب والمطالبة يا أخي، أموافق السائل ولا نشوفلك دعوة جديدة؟
الطالب: يقول: فضيلة الشيخ، نشهد الله على محبتك، ونأمل من فضيلتكم تكرار الزيارة، وأن تعطونا موعدًا من الآن نسأل الله لنا ولكم العون والتوفيق.
الشيخ: نعم، أقول له: أحبه الله الذي أحبني فيه، وجعلني وإياكم من أحبابه وأوليائه، ومن الذين أنعم الله عليهم، وأنا الحقيقة أني مسرور من مجيئي إلى هذا المكان وانتفاعي وما يحصل به من النفع.
الطالب: كثرة الحضور ما..
الشيخ: ولكن فيكم أو منكم رجل رشيد، وهو محل الثقة عندي وعندكم قرر لي أن لا آتي إلا في آخر ليلة جمعة من شعبان يقول لي: آخر ليلة من شعبان هي لأهل الزلفي فقط، لا تحط فيها موعد فأجبته إلى ذلك راضيًا ومسلمًا، وأرجو أن يكون هذا- إن شاء الله- محل موافقة منكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
الطالب: لا، نريد قبلها مرتين يا شيخ (...) هذا طلب جديد يا شيخ.
الشيخ: طيب نشوف بعدين.
الطالب: هذا سائل يقول:
الشيخ: الله يحينا وإياكم حياة طيبة.
الطالب: ورد في الحديث أن الشمس تسجد عند العرش وتستأذن.
الشيخ: تحت العرش.
الطالب: كاتب عند، تسجد تحت العرش وتستأذن علمًا أن المشاهَد الآن أنها لا تغيب عن الأرض حين تغيب عن جزء وتظهر على جزء، وهذا يجرنا للسؤال عن كسوفها وخسوف القمر ما سببه؟
الشيخ: أما كونها- أي الشمس- تدور حول الأرض فهذا صحيح، لا شك أنها تدور حول الأرض، وبهذا يحصل الليل والنهار قال الله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ، وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ [الكهف: ١٧] هذه أربعة أفعال، إذا طلعت تزاور، إذا غربت تقرضهم، الأفعال نُسبت للشمس إذن فهي الفاعل، وعلى هذا فهي التي تدور على الأرض ويحصل بذلك الليل والنهار، وقال الله تعالى: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ [ص: ٣٢] الفاعل ما؟ الشمس فالفعل نسب لها هي اللي توارت، ما هو نحن نتوارى عنها هي توارت عنا، هذه خمسة أفعال وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا [يس: ٣٨] تجري الفعل مضاف إلى أيش؟
الطالب: إلى الشمس.
الشيخ: إلى الشمس، هذه ستة أفعال قالها من؟ قالها الخلَّاق العليم الذي يعلم من خلق أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤] فيجب علينا أن نأخذ بظواهر هذه النصوص، وأن لا نعارضها بأي نظرية مهما كانت النظرية؛ لأن النظريات من إدراك البشر، وهذا من إخبار خالق البشر، فعلينا أن نأخذ بهذا الظاهر حتى يتبين لنا مثل الشمس أن الواقع خلافه، أما مجرد أن يقولوا: إن الليل والنهار يحصل بدوران الأرض فإننا لا نُسلّم به ولا نوافق، ولو اجتمع علينا من بأقطارها إلا بدليل محسوس يكون لنا عذرًا أمام الله يوم القيامة إذا نحن خالفنا ظاهر كلامه، أما أن نخالف ظاهر كلام ربنا لمجرد رأي أقوام ما لمسناه بأيدينا ولا رأيناه بأعيننا، ولا شممناه بآنافنا، ولا ذقناه بألسنتنا، وإنما سمعناه بآذاننا من غير أن يكون هناك برهان، فلا يجوز لنا أن نخالف ظاهر كلام الله بمثل هذه الآراء أبدًا، إذا كان كذلك فإن الشمس تدور على الأرض، وإذا غربت كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر: «تَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ». ولكن هل تظن أن سجودها كسجودنا؟ إن كانت الأرض كأجسامنا فإنها كسجودنا، ولكن أقصد إن كانت الشمس كأجسامنا فإن سجودها كسجودنا، ولكني أظن أنها ليست كأجسامنا، التعبير ده صحيح ولَّا لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا يا أخي ما هو بصحيح، أنا قلت: أظن أنها ليست كأجسامنا، صحيح هذا التعبير؟
الطالب: لا.
الشيخ: وأيش أقول؟ أجزم بأنها ليست كأجسامنا إلا إذا أردت بالظن العلم مثل: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ [البقرة: ٤٦] على كل حال نحن نعلم علم اليقين أن الشمس ليست كأجسامنا، واضح؟ إذن سجودها ليس كسجودنا، وقد قال الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ [الحج: ١٨] هل أنت تشاهد سجود البعير لله قل لي؟ ما تشاهدوه غير (...) إن تسجد؟ لا، لكن سجودها لا نعلمه يجب أن نؤمن به بأنها تسجد، ولكن ما نعلم كيفيته، فإن قلت: المراد بالسجود السجود للحكم الكوني وهو الخضوع الكوني، قلنا: هذا تمنعه الآية؛ لأن الله يقول: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِوالسجود الكوني هل هو لكثير من الناس ولا لجميع الناس؟ قولوا أيها الطلبة، السجود الكوني لجميع الناس كل الناس ساجدون لله أوْ لا؟
إذا كان كذلك فإن سجود الشمس لله تعالى إذا غابت تحت العرش، سجود الشمس تحت العرش إذا غابت أمر لا يعلم كيفيته إلا الله.
وماذا علينا تجاه هذا الموضوع؟ وأيش علينا؟ أن نؤمن ونسلم ونقول: الكيفية عند خالق السماوات والأرض، ما نعلمها.
الطالب: أثابكم الله، وهذا تتمة للسؤال يقول: مما لا شك فيه أن خسوف القمر وكسوف الشمس من آيات الله لتخويف عباده، فكيف يُرد على من قال: إذا كانت تخويفًا فكيف يعلم العباد بتخويف الله لهم قبل وقوع ذلك؟
الشيخ: علم الله سبحانه، لا شك أن خسوف القمر وكسوف الشمس بإرادة الله عز وجل، أليس كذلك؟
الطلبة: بلى.
الشيخ: ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق فيما أخبر به من قوله: «إِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ» هذان أمران ثابتان لا شك فيهما كما لا نشك في أنفسنا لا نشك في هذا، إذا كان الأمر كذلك فالله عز وجل يحدث الكسوف بأسباب طبيعية لحكمة شرعية، الأسباب الطبيعية معروفة، وهي أن القمر خسوفه سببه حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، الأرض تحول بين الشمس والقمر فيكسف، ولهذا ما يمكن يصير خسوف للقمر إلا في ليالي الإبدار؛ ليالي البدر؛ يعني ليلة اثنين وليلة ثلاثة وليلة أربع، صح؟
الطالب: لا.
الشيخ: لا يمكن الخسوف إلا ليالي الإبدار؛ ليلة الثاني من الشهر والثالث من الشهر والرابع من الشهر صح ولا خطأ؟
الطالب: خطأ.
الشيخ: متى ليالي الإبدار؟
الطالب: أيام البيض.
الشيخ: ثلاثة عشر، أربعة عشر، خمسة عشر، لا يمكن يوجد والغالب بين أربعة عشر وخمسة عشر؛ لأن القمر يكون مقابل للشمس تمامًا، ونور القمر بإذن الله مستمد من نور الشمس؛ قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً [الإسراء: ١٢] وسواء أريد النهار بذاته والليل بذاته أو أُريد علامة الليل وعلامة النهار؛ وهي القمر والشمس، المهم أن القمر جرمه مظلم، يكتسب النور من أين؟
الطالب: من الشمس.
الشيخ: من الشمس، فإذا كان مقابلًا لها وجاءت الأرض حالت بينه وبين الشمس حصل الخسوف، ولهذا لو تأملت الخسوف ما يمكن يجي من الجهة التي تلي الشمس أبدًا، إنما يأتي من الأسفل أو من اليمين أو من الشمال بخلاف الهلال ليلة الواحد والاثنين والثلاثة يكون نوره من جهة الشمس، أما هذا، إذا كان كليًّا يمكن يأتي من كل الجهات لكن جزئيًّا- في الغالب- ما يكون من الجهة التي تلي الشمس، على كل حال هذا معلوم.
كسوف الشمس من أين يأتي؟ السبب الطبيعي له أن القمر يحول بين الشمس وبين الأرض؛ ولذلك ما يمكن تكسف الشمس إلا في ليالي الاستسرار؛ يعني إلا في يوم (١٨) أو يوم (١٩) أو يوم (٢٠) صح؟
الطالب: خطأ.
الشيخ: خطأ؛ ليالي الاستسرار هي الليالي التي يختفي فيها القمر؛ (٢٨)، (٢٩)، (٣٠) يعني لو قال لك أحد: إن الشمس كسفت يوم عشرين قل له: هذا محال، ما يمكن إلا في (٢٨)، (٢٩)، (٣٠)، ولذلك الذين قالوا من المؤرخين: إن موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم كان في العاشر من ربيع الأول قولهم هذا خطأ بلا شك مئة بالمئة، وإنما كان موت إبراهيم يوم تسع وعشرين من شوال السنة العاشرة من الهجرة، يوم تسع وعشرين هو من ليالي الاستسرار ولَّا لا؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: من ليالي الاستسرار؛ لأن القمر- بإذن الله- يحول بين الشمس وبين الأرض، أيهم أعلى القمر ولَّا الشمس؟
الطلبة: الشمس.
الشيخ: متأكدين؟ إي نعم، الشمس أعلى، فإذا جاء القمر في آخر الشهر يداري الشمس، إذا أراد الله عز وجل الكسوف صار القمر مثلًا إذا قدرنا هذا الأرض صار القمر هكذا بين الشمس وبين الأرض، فحجب نور الشمس، من الذي يستطيع أن يجعل الأرض في مدار أو في مكان على الأصح؛ في مكان تحول بين ضوء الشمس وبين القمر؟ من يستطيع؟
ما أحد يستطيع، وكذلك العكس، إذن فالخسوف آية من آيات الله؛ أي علامة على قدرته عز وجل، وأما كونه تخويفًا فظاهر؛ فإن اختلاف مسار الشمس والقمر حتى يحصل ذلك لا شك أنه تخويف وإنذار وليس هو عذاب بنفسه، ما هو عذاب بنفسه، لكنه منذر بعذاب انعقدت أسبابه، ولهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفزع إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره والصلاة والصدقة والعتق، كل هذا أمر به الرسول، وهذه الأمور من أسباب دفع البلاء، فإذا فعلنا ذلك اندفع البلاء الذي انعقدت أسبابه، وصار الكسوف علامة أيش عليه؟ على هذا البلاء وهذا العذاب، والله عز وجل إذا رجع عباده إليه وفزعوا إليه فهو أرحم الراحمين يرفع عنهم البلاء والعذاب، ولهذا أنا أميل إلى القول بوجوب صلاة الكسوف، وأنها ليست من السنن بل من الواجبات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج فزعًا حتى إنه لُحق بردائه؛ ترك رداءه عليه الصلاة والسلام خرج بالإزار فقط من شدة فزعه حتى لُحق بردائه ولبسه أو ألبس إياه حتى جعل يجره صلى الله عليه وسلم، وفزع، وفي هذا المقام العظيم عُرضت عليه الجنة والنار حتى تقدم إلى الجنة ليأخذ عنقودًا منها قال: «فَلَوْ أَخَذْتُهُ لَبَقِيَ فِيكُمْ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ» هذا الحديث أو معناه وتأخر؛ لأنه عرضت عليه النار فخاف من لفحها، ورأى في النار امرأة تعذَّب في هرة حبستها، هرة يعني؟ وأيش الهرة؟
الطالب: قطة.
الشيخ: ما هي الهرة يا إخوان؟
الطالب: القطة.
الشيخ: القطة وما هي القطة؟ نفس الإجابة يقولون الناس يعني فائدة لغوية يقولون الناس: (بِس) قال في القاموس: الصواب: (بَس) والعامة -هذا كلام القاموس- والعامة تكسره. يعني يقولون: (بِس)، والصواب في اللغة العربية (بَس)، لكن لا تحسبه فنجان شاي يصب تقول: بَس.
الآن نقول الرسول صلى الله عليه وسلم رأى المرأة التي تعذب في هذه الهرة، ورأى عمرو بن لحي الخزاعي يجر أمعاءه في النار، وكان هذا الرجل- والعياذ بالله- أول من أدخل الشرك في العرب وأول من سيب السوائب، ورأى صاحب المحجن الذي يسرق الحجاج بمحجنه، هذا رجل لص سارق معه محجان؛ يعني عصا محنية الرأس إذا مر الحجاج إذا مر مع الحجاج دخل المحجان وجرّ المتاع إن فطن له الحاج قال: والله هذا المحجن بلاني الله به ما أدري عليه، على كل حال يقول: هذا المحجان هو اللي جر متاعي غصبًا عني، وإن لم يفطن به الحاج وأيش يسوي؟
الطالب: أخذه.
الشيخ: أخذ المتاع وراح، رآه النبي عليه الصلاة والسلام يعذب في النار على أخذه أمتعة الحجاج، وهذا يدل على عظم صلاة الكسوف؛ ولهذا لما فرغ النبي عليه الصلاة والسلام خطب خطبة عظيمة وقال فيها من جملة ما قال: «وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» وأمر بالفزع إليها، ولهذا كانت هذه الصلاة صلاة غير مألوفة غير معتادة؛ لأن هذا الذي وقع السبب هذا غير مألوف ولا معتاد، فصار من الحكمة أن تكون العبادة له أيضًا غير أيش؟ غير معتادة، هل في الصلوات صلاة مثل صلاة الكسوف؟ لا، وهل في احتجاب الشمس عنا مثل احتجابها في الكسوف؟ لا، إنما تغيب في الأفق وكذلك القمر.
كيف صلاة الكسوف؟ يكبر الإنسان ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة طويلة طويلة بقدر سورة البقرة، ثم يركع ركوعًا طويلًا جدًّا، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة طويلة لكن دون الأولى، ثم يركع ويطيل الركوع ولكن دون الأول، ثم يرفع ويدعو بما دعا به نحوًا من ركوعه، ثم يسجد ويطيل السجود نحوًا من ركوعه، ثم يجلس بين السجدتين نحو سجوده، ثم يسجد سجودًا طويلًا، ثم يقوم للركعة الثانية ويفعل فيها كالركعة الأولى لكن دونها في كل ما يُفعل، وإذا فرغ فإنه يخطب الناس خطبة بليغة يعظهم فيها ويذكرهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقرأ فيها جهرًا ولَّا سرًّا؟ ما صليتم صلاة الكسوف؟
الطلبة: جهرًا.
الشيخ: جهرًا، في الليل ولَّا في النهار؟
الطلبة: في الليل والنهار.
الشيخ: ليلًا ونهارًا حتى لو كان كسوف الشمس يقرأ جهرًا، لماذا؟
لأن الناس مجتمعون، وكل صلاة يُشرع فيها اجتماع أهل البلد جميعًا يشرع فيها الجهر بالقراءة، أرأيتم صلاة الجمعة؟ يجهر فيها بالقراءة، صلاة العيد يجهر فيها بالقراءة، صلاة الاستسقاء يجهر فيها بالقراءة، صلاة الكسوف يجهر فيها بالقراءة؛ لأن الأفضل أن يصلي الناس جميعًا في الجوامع لا في كل مسجد، السنة- كما قال أهل العلم- أن تصلى صلاة الكسوف في المساجد الجوامع؛ لأن اجتماع الناس مبتهلين إلى الله عز وجل متضرعين إليه أبلغ، ولهذا كان أعظم جمع وأحقه إجابة جمع الناس يوم عرفة؛ لأنهم أكثر ما يكونون جمعًا؛ فاجتماع الناس على العبادة والدعاء له مكانة عند الله عز وجل، ولكن بعض الناس الآن ومن قديم يصلون صلاة الكسوف كل في مسجده؛ لأنهم يزعمون أنهم لو صلوا في الجوامع لتأخر الناس ولا أحد راح للجامع، ولكن يا حبذا لو أن الناس فعلوا هذا الأمر المستحب وخصوا صلاة الناس في الجوامع، وخرج الناس ولهم جمع كثير وخشوع وتأمين، ولا بأس أيضًا أن يحضر النساء في صلاة الكسوف كما حضر النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
الطالب: شكر الله لكم، وهذا يقول: لو تكرمت يا فضيلة الشيخ وأعطيتنا نبذة عن حياتك العلمية والعملية جزاك الله خيرًا؟
الشيخ: أقول للسائل: لو تكرم السائل وأعفاني عن جواب هذا السؤال فجزاه الله خيرًا.
الطالب: بارك الله، وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، هناك قائل: الفرق بين صلاة الجماعة وصلاة الفرد أفضلية سبع وعشرين أو خمس وعشرين درجة، وأنا لا أريد هذا الفرق وأؤديها في منزلي فما حكم مثل هذا؟
وقائل: أن صلاة الجماعة غير واجبة وجوب عين بدليل الذين جاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في منى والصلاة لم تُقم فقال: لماذا لم تُصليا؟ فقالا: صلينا في رحالنا فلم يؤنبهما ولم يأمرهما بالإعادة مع الجماعة؟ والحديث أورده مدرس بالجامعة أمام طلابه، كما يقول السائل.
الشيخ: جوابي على هذا السؤال أولًا: أوجه نصيحتي لهذا الأخ الذي قال: أنا لا أريد هذا الفضل -ما يخليهم- هل هذا الرجل مستغنٍ عن رحمة الله؟ والله ليمرن به يوم من الأيام يتمنى أن في حسناته حسنة واحدة ما هو سبع وعشرين حسنة، حسنة واحدة فليتقِ الله في نفسه وليتُب إلى الله تعالى من ذنبه، وليفرح بنعمة الله عليه بكثرة الثواب في صلاة الجماعة، هذا الرجل المدرس أنا أعتقد لو قيل له: نحن سنضعك في مدرسة راتبك الآن ثلاثة آلاف بنعطيك في المدرسة الثانية خمسة آلاف لكنها أبعد من هذه بكيلو يمشي ولَّا ما يمشي؟
الطالب: يمشي.
الشيخ: يمشي ولو على أهدابه ما هو على أقدامه يمشي، ما يقول: أنا ما أبغي هذا الفضل مع أن الله عز وجل يقول في كتابه: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [الأعلى: ١٦] وبعده وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى: ١٧] كيف يمكن لعاقل أن يختار فضل الدنيا مع أنه زائل هذا الرجل الذي نال الفضل أو الفضل نفسه ولا يختار فضل الآخرة، والله إن هذا لسفه، وهذا الحقيقة هذه الكلمة تجرح الشعور، وإن كان الأمور الندبية الإنسان مخير فيها والحمد لله؛ يعني ما هي بواجبة، لكن كونه يقول: بهذه الصراحة أنا ما أبي هذا الفضل!! شيء عظيم يعني! شيء يخشى الإنسان يقوله! فأرجو من هذا الرجل المدرس أن يتقي الله في نفسه وفي أبنائه التلاميذ وأن لا يبلغ به الأمر إلى هذا التهوين في فضائل الأعمال حتى يقول: أنا ما أبي الفضل، من الذي يتجرأ على أن يقول أنا لا أريد ثواب الله ولا فضل الله؟! صعبة دي يا إخوان! وأرجو أن يكون ما أقوله الآن يبلغه، وأما بالنسبة إلى كونه ليس فرض عين، والاستدلال بحديث الرجلين فإن هذين الرجلين صلَّيا في رحالهما، وهي قضية عين قد يكون هذان الرجلان لا يعلمان أن صلاة الجماعة واجبة وهذا وارد؛ ولذلك جهلا أن يصليا مع الرسول عليه الصلاة والسلام والمشروع إذا جئت إلى جماعة أن تصلي معهم، وقد يكون هذان الرجلان يظنان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بأصحابه وانتهى، فالقضية قضية عين وليست قولًا له عموم حتى نأخذ بعمومه وما دام فيه احتمال فالعلماء يقولون: إذا حصل الاحتمال بطل الاستدلال، فلا دليل فيها أبدًا.
وحينئذٍ يبقى أن بعض الناس يقول: إذا كانت أفضل فأفضل اسم تفضيل معناه ما هي بواجبة؛ لأن الأفضلية ما تقال في الواجب، نقول لهؤلاء الإخوان: بارك الله فيكم، ورزقنا وإياكم الفهم الصحيح؛ قولكم: إن الخيرية أو الأفضلية لا تكون في الواجب خطأ؛ الخيرية قد تكون في أوجب الواجبات، استمع إلى قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ [الصف: ١٠، ١١] أقف لتكملوها أنتم ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [الصف: ١١] ما المشار إليه في الآية؟ الإيمان باللهن والإيمان بالرسول، الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس.
هل الإيمان بالله والرسول من الواجبات ولَّا من المستحبات؟
الطلبة: من الواجبات.
الشيخ: أوجب الواجبات، هذا في العقيدة، خذوا في الأعمال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَأكمل ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة: ٩].
هل يستطيع هذا الأخ أن يقول: إن صلاة الجمعة غير واجبة؛ لأن الله قال: ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْوخير اسم تفضيل ولَّا ما يستطيع؟
هل يستطيع أن يقول إن الإيمان خير من الكفر وهو على سبيل التفضيل لا على سبيل الوجوب؟ الجواب؟
الطالب: لا يستطيع.
الشيخ: لا يستطيع، إذن فتفضيل عمل على عمل لا يدل على أن الفاضل ليس بواجب، وأما وجوب صلاة الجماعة فأدلتها من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضي الله عنهم أمر معلوم، استمع إلى قول الله عز وجل: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء: ١٠٢] الأمر بالصلاة هنا في حال الأمن والاستقرار والطمأنينة صحيح؟ الأمر هنا في حال أيش؟
الطلبة: الخوف.
الشيخ: في حال الخوف والحرب، وهل يوجب الله على العباد أن يصلوا هذه الصلاة اللي فيها تغيير للصلاة؛ لأن صلاة الخوف- كما تعرفون- فيها تغيير للصلاة ومخالفة لبعض الأركان أو الواجبات، هل يسقط الله هذه الواجبات وهذه الأركان من أجل أمر مستحب؟ وهل يُلزم الله به العباد أن يفعلوه في حال الجهاد وهو أمر مستحب؟
لا، وفي قوله: فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا [النساء: ١٠٢] فيها إبطال لقول من يقول: إن صلاة الجماعة فرض كفاية؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لاكتفى بالطائفة الأولى؛ فهي إذن فرض عين، واستمع إلى السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» واستأذنه رجل في ترك صلاة الجماعة فقال: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟». قَالَ: نَعَمْ: قَالَ: «فَأَجِبْ» وكان الرجل أعمى، وقال فيما صح عنه: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». القائل هذا وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم هل يمكن (...) إن شاء الإنسان فعله وإن شاء تركه؟ لأ، ولكن قد تقول: الرسول قال: «هممت» ولم يفعل، فالهم شيء والفعل شيء آخر، نقول: طيب هل قالها الرسول عليه الصلاة والسلام على سبيل التحذير ولَّا قالها على سبيل الترغيب في الصلاة فقط ومن لم يُصلِّ فإنه لا يهم بإحراقه؟ لا شك أنه قاله على سبيل التحذير؛ إذ مثل هذا القول ما يمكن يقال على أمر مخير فيه، وأما الصحابة فاستمع إلى قول ابن مسعود رضي الله عنه فيما صح عنه في مسلم: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ الصَّفُّ ، هذا عمل مَن؟
الطلبة: الصحابة.
الشيخ: الصحابة، كتاب الله، وسنة رسوله، وعمل الصحابة، ومثل هذا التفتير عن صلاة الجماعة أو التزهيد في ثواب الآخرة هو الذي جعلنا نتأخر إلى الوراء، وجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقدمون إلى الأمام ويملكون بدينهم مشارق الأرض ومغاربها، وإنني لأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعفو عن هذا الأستاذ ما قام به وما حدث به أبناءه، وإني لأوجه رجائي له أن يعود مرة أخرى وأن يكون عالِمًا ربانيًّا مربيًا قبل أن يكون معلمًا؛ لأنه ليس قيادة الأمة بالعلم فقط بل بالعلم أيش بعد؟ وبالتربية.
الرسول صلى الله عليه وسلم ربَّى أولئك القوم بأخلاقه وبأعماله وبتوجيهاته الرشيدة، ما أمر بأمر إلا كان أول الفاعلين له، ولا نهى عن شيء إلا كان أبعد الناس عنه، وهكذا يجب على العلماء إذا أرادوا أن يكونوا حقًّا ورثة الأنبياء فليربوا الناس بما علمهم الله حتى يكونوا من الهداة المهتدين، وأظن أن الليل قد سرى.
الطالب: أيها الأحبة في الله، في ختام هذه المحاضرة لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر لفضيلة الشيخ على تكبُّده السفر لإفادتنا بهذه التوجيهات الطيبة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك في موازين أعماله يوم يلقاه، كما نطلب منه- جزاه الله خيرًا- أن لا يطول بزيارتنا فيزورنا كل حين وما يجعلها زيارة قليلة.
الشيخ: لا، إن شاء الله بنعودها، إن شاء الله نحرص على ما فيه الخير إن شاء الله.
الطالب: ونريد أن يكون كل واحد منكم وسيلة إعلام في مثل هذه المجالس جزاكم الله خيرًا يدعو إخوانه وأحبابه وفَّق الله الجميع لما فيه الخير.
الشيخ: نشكركم جميعًا على هذا اللقاء المبارك، ونسأل الله تعالى أن يجعله نافعًا لنا ولكم، وأنا أضم صوتي إلى صوت الأخ في الحرص على حضور المحاضرات؛ لأن أقل ما فيها أنها مجالس ذِكر، ومجالس الذكر هي رياض الجنة، «وَإِذَا أَتَيْتُمْ رِيَاضَ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا» ، كلها خير وكلها بركة، يستفيد الإنسان أو يفيد، قد يسأل الإنسان سؤالًا هو عارف بت، لكن الناس محتاجون إليه فيكون هو المعلم؛ يعني لو سألت المحاضر سؤالًا أنت تعرفه لكن علشان يعرفونه الناس صرت أنت المعلم أنت المعلم وأيش الدليل؟
الدليل حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لَمَّا جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ وَالسَّاعَةِ وَأَمَارَاتِهَا، قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟». قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» . من الذي كان يجيب؟
الرسول صلى الله عليه وسلم والسائل جبريل، وجعله النبي عليه الصلاة والسلام معلمًا؛ لأنه كان سببًا في التعليم وإلا فالمعلم المباشر رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن لما كان هذا سببًا هو السبب الباعث جعله النبي صلى الله عليه وسلم معلمًا، ومن هنا أخذ العلماء مسألة تفيد في باب القصاص والجنايات قالوا: إن المتسبب يلحقه الضمان كالمباشر، لكن بشروط؛ بمعنى إن الضمان يكون بالمباشرة ويكون بالسبب؛ فالمتسبب فاعل، لكن على كل حال إذا اجتمع متسبِّب ومباشر في باب الجنايات قُدم المباشر إذا كان يمكن إحالة الضمان عليه بالشروط المعروفة لا أطيل بذكرها.
ولكني أكرر رجائي إلى حضوركم أيها الإخوة ولا سيما الشباب منكم والشيوخ؛ لأن الشيوخ اللي يحضرون هنا هم شباب العزيمة عزيمتهم عزيمة شاب، وكِبر السن ما يضر ينفع، والشباب إن شاء الله المتجهون لهم خير ونرجو لهم الخير إن شاء الله للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.