الجمع بين الخوف والرجاء
مدة الملف
حجم الملف :
1234 KB
عدد الزيارات 9264

السؤال: 

الله يحييك. هذه السائلة من الدمام تقول: فضيلة الشيخ، كيف يكون المؤمن بين الرجاء والخوف، وإذا كان عند الإنسان خوف كثير وأنا - تقول - أعلم بأن فضل الله عز وجل على عباده كبير، وأن رحمته سبقت غضبه، فأنا دائماً خائفة جداً لتقصيري، وأسأل الله عز وجل أن يمنّ علينا وعليكم بعفوه وفضله، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

الجواب:

الشيخ: الحمد لله رب العالمين. وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. المؤمن يجب أن يسير إلى الله تبارك وتعالى بين الخوف والرجاء كجناحي طائر. قال الإمام أحمد رحمه الله: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحداً، فأيهما غلب هلك صاحبه، فالإنسان إذا رأى ذنوبه وما حصل منه من التقصير في حقوق الله عز وجل وحقوق العباد خاف، وإذا تأمل فضل الله تعالى وسعة رحمته وعفوه طمع ورجا. وعليه فينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحداً؛ لأنه إن غلب عليه الرجاء يخشى عليه من الأمن من مكر الله، وإن غلب عليه الخوف خشي عليه أن يقنط من رحمة الله، وكلاهما محظور. وقد قال الله تعالى عن أوليائه وأنبيائه: ﴿إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين﴾. ومن العلماء من قال: إن فَعَل الطاعات فليغلب جانب الرجاء والقبول، وأن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً. وإن خاف من فعل المحرمات غلّب الخوف، وخاف أن تناله سيئاته بعقوبات حاضرة ومستقبلة. وقال آخرون من أهل العلم: ينبغي في حال الصحة أن يغلب جانب الخوفن ليحمله ذلك على  فعل الواجبات وترك المحرمات، وفي حال المرض المدنف الذي يخشى أن يلاقي ربه به يغلب جانب الرجاء، من أجل أن يموت وهو يحسن الظن في الله عز وجل. وعلى كل حال يجب على الإنسان أن لا يستولي عليه الخوف حتى يقنط من رحمة الله، أو الرجاء حتى يأمن من مكر الله، وليكن سائراً إلى ربه بين هذا وهذا.